والخلاف في هذه المسألة ودليل القولين كالتي قبلها إلا أنهم قالوا الضمان ضم ذمة إلى ذمة في التزام الدين فإذا لم يكن على المضمون عنه شئ فلا ضم فيه فلا يكون ضمانا قلنا قد ضم ذمته إلى ذمة المضمون عنه في أنه يلزمه ما يلزمه وان ما ثبت في ذمة مضمونه يثبت في ذمته، وهذا كاف.
وقد سلموا ضمان ما يلقيه في البحر قبل وجوبه بقوله ألق متاعك في البحر وعلي ضمانه، وسلم أصحاب الشافعي في أحد الوجهين ضمان الجعل في الجعالة قبل العمل وما وجب شئ بعد ومنها أن الضمان إذا صح لزم الضامن أداء ما ضمنه وكان للمضمون له مطالبته، ولا نعلم في هذا خلافا وهو فائدة الضمان. وقد دل قول النبي صلى الله عليه وسلم (والزعيم غارم) واشتقاق اللفظ (ومنها) صحة الضمان عن كل من وجب عليه حق حيا كان أو ميتا مليئا أو مفلسا لعموم لفظه فيه، وهذا قول أكثر أهل العلم. وقال أبو حنيفة لا يصح ضمان دين الميت إلا أن يخلف وفاء فإن خلف بعض الوفاء صح ضمانه بقدر ما خلف لأنه دين ساقط فلم يصح ضمانه كما لو سقط بالابراء ولان ذمته قد خربت خرابا لا تعمر بعده فلم يبق فيها دين والضمان ضم ذمة إلى ذمة في التزامه.
ولنا حديث أبي قتادة وعلي فإنهما ضمنا دين ميت لم يخلف وفاء والنبي صلى الله عليه وسلم حضهم على ضمانه في حديث أبي قتادة بقوله (ألا قام أحدكم فضمنه؟) وهذا صريح في المسألة ولأنه دين ثابت