الهروي هو من العضاه وهي كل شجر له شوك وقال غيره هو العوسج قالوا وسمي بقيع الغرقد لشجرات غرقد كانت به قديما وبقيع الغرقد هو مدفن أهل المدينة (وقوله) السلام عليكم دار فدار منصوب قال صاحب المطالع هو منصوب على الاختصاص أو على النداء المضاف والأول أفصح قال ويصح الجر على البدل من الكاف والميم في عليكم والمزاد بالدار على هذا الوجه الأخير الجماعة أو أهل الدار وعلى الأول مثله أو المنزل وقوله صلى الله عليه وسلم وإنا إن شاء الله بكم لاحقون فيه أقوال (أحدها) انه ليس على وجه الاستثناء الذي يدخل الكلام لشك وارتياب بل على عادة المتكلم لتحسين الكلام حكاه الخطابي رحمه الله (الثاني) هو استثناء على بابه وهو راجع إلى التخوف في هذا المكان والصحيح انه للتبرك وامتثال قوله تعالى (ولا تقولن لشئ انى فاعل ذلك غدا الا ان يشاء الله) وقيل فيه أقوال أخر تركتها لضعفها ومن أضعفها قول من قال إنه صلى الله عليه وسلم " دخل المقبرة ومعه مؤمنون حقيقة وآخرون يظن بهم النفاق " وكان الاستثناء منصرفا إليهم وهذا غلط لان الحديث في صحيح مسلم وغيره انه صلى الله عليه وسلم " خرج في آخر الليل إلى البقيع وحده ورجع في وقته ولم يكن معه أحد الا عائشة رضي الله عنها كانت تنظره من بعيد ولا يعلم أنها تنظره) فهذا تصريح بابطال هذا القول وإن كان قد حكاه الخطابي وغيره وإنما نبهت عليه لئلا يغتر به وقيل إن الاستثناء راجع إلى استصحاب الايمان وهذا غلط فاحش وكيف يصح هذا وهو صلى الله عليه وسلم يقطع بدوام ايمانه ويستحيل بالدلالة العقلية المقررة وقوع الكفر فهذا القول وان حكاه الخطابي وغيره باطل نبهنا عليه لئلا يغتر به وكذا أقوال أخر قيلت هي فاسدة ظاهرة الخطأ لا حاجة إلى ارتكابها ولا ضرورة بحمد الله في الكلام إلى حمله على تأويل بعيد بل الصحيح منه ما قدمته والله أعلم (أما) الأحكام فاتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على أنه يستحب للرجال زيارة القبور وهو قول العلماء كافة نقل العبدري فيه اجماع المسلمين ودليله مع الاجماع الأحاديث الصحيحة المشهورة وكانت زيارتها منهيا عنها أولا ثم نسخ ثبت في صحيح مسلم رحمه الله عن بريدة رضي الله عنه قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها " وزاد أحمد بن حنبل والنسائي في روايتهما فزوروها ولا تقولوا هجرا والهجر الكلام الباطل وكان النهي أولا لقرب عهدهم من الجاهلية فربما كانا يتكلمون بكلام الجاهلية الباطل فلما استقرت قواعد الاسلام وتمهدت أحكامه واستشهرت معالمه أبيح لهم الزيارة واحتاط صلى الله عليه وسلم بقوله ولا تقولوا هجرا قال أصحابنا رحمهم الله ويستحب للزائر ان يدنو من قبر المزور بقدر ما كان يدنوا من صاحبه لو كان حيا وزاره وأما النساء فقال المصنف وصاحب البيان لا تجوز لهن الزيارة وهو ظاهر هذا الحديث ولكنه شاذ في المذهب والذي قطع به الجمهور انها مكروهة لهن كراهة تنزيه وذكر الروياني في البحر وجهين (أحدهما) يكره كما قاله الجمهور (والثاني) لا يكره قال وهو الأصح
(٣١٠)