نعم لم أجد لهم تصريحا بذلك عدا ما حكى عن صاحب المسالك وتبعه جماعة لكن الاستشكال من جهة ترك التصريح مع وجود الدليل، مما لا ينبغي، بل ربما يستشكل في حكمهم بعد السقوط بالتصرف قبل العلم مع حكمهم بسقوط خيار التدليس والعيب بالتصرف قبل العلم والاعتذار بالنص إنما يتم في العيب دون التدليس، فإنه مشترك مع خيار الغبن في عدم النص ومقتضى القاعدة في حكم التصرف قبل العلم فيهما واحد والتحقيق أن يقال: إن مقتضى القاعدة عدم السقوط لبقاء الضرر وعدم دلالة التصرف مع الجهل على الرضا بلزوم العقد وتحمل الضرر.
نعم قد ورد النص في العيب على السقوط وادعى عليه الاجماع مع أن ضرر السقوط فيه متدارك بالأرش، وإن كان نفس إمساك العين قد تكون ضررا، فإن تم دليل في التدليس أيضا، قلنا به، وإلا وجب الرجوع إلى دليل خياره، ثم إن الحكم بسقوط الخيار بالتصرف بعد العلم بالغبن مبني على ما تقدم في الخيارات السابقة من تسليم كون التصرف دليلا على الرضا بلزوم العقد، وإلا كان اللازم في غير ما دل فعلا على الالتزام بالعقد من أفراد التصرف الرجوع إلى أصالة بقاء الخيار.
وقد قيل في وجه التأمل أمور:
منها: ما أفاده السيد الفقيه رحمه الله، وهو: إن الشك في بقاء الخيار من قبيل الشك في المقتضي لعدم احراز مقدار استعداد المستصحب مع التصرف، فلا يجري فيه الاستصحاب.
ومنها: أن المورد مما يجب فيه الاستدلال بعموم العام لا استصحاب حكم المخصص.
ومنها: ما أفاده المحقق النائيني رحمه الله، وهو: إن الشك شك في الموضوع، لأن موضوع من له الخيار ليس ذات المغبون ولا العقد الغبني، بل يحتمل أن يكون لوصف عدم الرضا ولو نوعا دخل في الموضوع، فلا يجري الاستصحاب.
وبعض هذه الوجوه لا يخلو عن النظر، ولكن في بعضها الآخر - بضميمة أن المختار عدم جريان الاستصحاب في الأحكام - كفاية، ولكن مع ذلك كله يرد على أصل الاستدلال: إن مفروض البحث هو التصرف غير الكاشف عن الالتزام بالعقد، وعليه فلا مانع من اجراء قاعدة لا ضرر.