فصل في الصيد والذبائح والأطعمة والأشربة لا يجوز الصيد عندنا إلا بالكلب المعلم، دون غيره من سباع الوحش والطير، بدليل إجماع الطائفة، وأيضا قوله تعالى: * (وما علمتم من الجوارح مكلبين) * (1) لأنه سبحانه لما أتى بلفظة " مكلبين " وهي تختص الكلاب، علمنا أنه لم يرد بالجوارح جميع ما استحق هذا الاسم، وإنما أراد الكلاب خاصة، ويجري ذلك مجرى أن يقال: ركب القوم مبقرين أو مجمزين، في أنه يختص ركوب البقر والجمازات (2) وإن كان اللفظ الأول عام الظاهر.
ولا يجوز حمل لفظة " مكلبين " في الآية على أن المراد بها التضرية للجوارح، والتمرين لها، حتى يدخل في ذلك غير الكلاب، لأن " مكلبا " عند أهل اللغة، هو صاحب الكلاب بلا خلاف بينهم، وقد نص على ذلك صاحب كتاب الجمهرة (3) وأنشد قول الشاعر:
تباري مراخيها الزجاج كأنها * ضراء أحست نبأة من مكلب