غنية النزوع - ابن زهرة الحلبي - الصفحة ٣٩٤
فصل في الصيد والذبائح والأطعمة والأشربة لا يجوز الصيد عندنا إلا بالكلب المعلم، دون غيره من سباع الوحش والطير، بدليل إجماع الطائفة، وأيضا قوله تعالى: * (وما علمتم من الجوارح مكلبين) * (1) لأنه سبحانه لما أتى بلفظة " مكلبين " وهي تختص الكلاب، علمنا أنه لم يرد بالجوارح جميع ما استحق هذا الاسم، وإنما أراد الكلاب خاصة، ويجري ذلك مجرى أن يقال: ركب القوم مبقرين أو مجمزين، في أنه يختص ركوب البقر والجمازات (2) وإن كان اللفظ الأول عام الظاهر.
ولا يجوز حمل لفظة " مكلبين " في الآية على أن المراد بها التضرية للجوارح، والتمرين لها، حتى يدخل في ذلك غير الكلاب، لأن " مكلبا " عند أهل اللغة، هو صاحب الكلاب بلا خلاف بينهم، وقد نص على ذلك صاحب كتاب الجمهرة (3) وأنشد قول الشاعر:
تباري مراخيها الزجاج كأنها * ضراء أحست نبأة من مكلب

١ - المائدة: ٤.
٢ - في " س ": و " الجميزاء " والجمازة: مركب سريع يتخذه الناس في المدن لاحظ المعجم الوسيط.
٣ - تأليف أبي بكر محمد بن الحسن بن دريد، والشاعر هو طفيل الغنوي لاحظ جمهرة اللغة:
١ / ٣٧٦ وانظر ترجمة الشاعر في الأغاني: ١٥ / ٣٤٩. وقال الحلي في السرائر: ٣ / 83 بعد نقل قول الشاعر: يصف خيلا، والمراخي جمع مرخاء، وهي السريعة العدو، والزجاج جمع زج والضراء جمع ضرورة وهي الكلبة.
(٣٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 ... » »»
الفهرست