غنية النزوع - ابن زهرة الحلبي - الصفحة ٢٢٤
السبب الخامس للخيار:
ظهور غبن لم تجر العادة بمثله، بدليل الإجماع المشار إليه، ويحتج على المخالف بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا ضرر ولا ضرار - ومن اشترى بمائة ما يساوي عشرة كان غاية في الضرر - وبنهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن تلقي الركبان، وقوله: فإن تلقى متلق فصاحب السلعة بالخيار إذا دخل السوق (1)، لأنه إنما جعل له الخيار لأجل الغبن.
الفصل الثاني فأما الربا فيثبت في كل مكيل وموزون، سواء كان مطعوما أو غير مطعوم، بالنص لا بعلة بدليل إجماع الطائفة; فلا يجوز بيع بعضه ببعض - إذا اتفق الجنس أو كان في حكم المتفق كالحنطة والشعير عندنا - إلا بشروط ثلاثة زائدة على ما مضى: الحلول النافي للنسيئة، والتماثل في المقدار، والتقابض قبل الافتراق بالأبدان، بلا خلاف إلا من مالك فإنه قال: إذا كان أحد العوضين مصوغا (2) جاز بيعه بأكثر من وزنه وتكون الزيادة قيمة الصنعة (3) ويحتج عليه بما رووه من قوله عليه السلام: لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق (4) إلا سواء بسواء (5)، ولم يفصل، فأما قول ابن عباس ومن وافقه من الصحابة بجواز التفاضل نقدا (6) فقد انقرض وحصل الإجماع على خلافه.

١ - جامع الأصول: ١ / ٤٤٥ وسنن البيهقي: ٥ / ٣٤٧ باب النهي عن تلقي البيع.
٢ - في " ج ": مصنوعا.
٣ - لاحظ تفسير القرطبي: ٣ / ٣٥١ في تفسير الآية ٢٧٥ من سورة البقرة: * (الذين يأكلون الربا...) *.
٤ - الورق - بكسر الراء والاسكان للتخفيف -: النقرة المضروبة. المصباح المنير.
5 - جامع الأصول: 1 / 457 وسنن البيهقي: 5 / 276 والفروق للقرافي: 3 / 259 الفرق التسعون والمائة...
6 - المغني لابن قدامة: 4 / 134 والفروق للقرافي: 3 / 259 الفرق التسعون والمائة...
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»
الفهرست