الفصل العشرون وأما ما يفسد الحج فقد تقدم فيما مضى، فلا وجه لإعادته، وأما ما يتعلق به من الأحكام، قد مضى أيضا معظمه في المواضع التي يختص بذكره، وبقي ما نحن ذاكرون المهم منه.
اعلم أن من مات وعليه حجة الإسلام وجب إخراجها من أصل التركة، سواء أوصى بها أو لم يوص، بدليل إجماع الطائفة وطريقة الاحتياط، وأيضا فقد اتفقنا على وجوب الحج عليه، فمن أسقطه بالموت فعليه الدليل، ويعارض المخالف بخبر الخثعمية (1) لأنه عليه السلام سمى الحج دينا، وأكده على دين الآدمي بقوله: فدين الله أحق أن يقضى (2)، والدين يخرج من أصل التركة ويقدم على الميراث.
ومن نذر الحج وعليه حجة الإسلام لزمه أداء الحجتين، لأنهما فرضان اختلف سببهما، فلا يسقط أحدهما بفعل الآخر، وطريقة الاحتياط، واليقين لبراءة الذمة يقتضي ما اخترناه، ولا يجري ذلك مجرى ما يتداخل من الحدود والكفارات لأنها عقوبات، فجاز سقوط بعضها بفعل بعض، وما نحن فيه مصالح وعبادات يفتقر صحة أدائها إلى النية، وإنما لامرئ ما نوى، ومن كان فقيرا وبذلت له الاستطاعة لزمه الحج، لإجماع الطائفة، وظاهر قوله تعالى: * (ولله على الناس حج البيت...) * (3).