من صياح واكثار فكر وجماع وجوع والذي من احراق الشمس فإنه إذا تلون في ابتدائه سهل تغييره وإذا أهمل فلا يبعد أن يتعذر علاجه أو يتعسر أو يصير له فضل شأن وكثيرا ما يعرض من الشمس صداع ليس من حيث يسخن فقط بل من حيث يثير أبخرة ويحرك أخلاطا ساكنة فمثل هذا لا يستغنى معه عن استفراغات على الوجوه المذكورة وربما احتيج أيضا فيما لم يثر أبخرة ولم يحرك أخلاطا إلى الاستفراغ وذلك عندما يحدث بامتلاء يخشى وانجذاب المادة فيه إلى الموضع الألم على علمته من الأصول فهناك ان أغفل امر استفراغ الخلط الغالب لم يؤمن استعجال الآفة وإذا التهب الرأس جدا في أنواع الصداع الحار وسخن جدا مجاوز اللحد اخذ سويق الشعير وبزر قطونا وعجنا بماء عصى الراعي وبرد وضمد به الرأس واما الكائن عن مادة حارة دموية فيجب ان يبادر فيها إلى الفصد واخراج الدم بحسب الحاجة واحتمال القوة وان لم يكف الفصد من عروق الساعد ولم يبلغ به المراد وبقى الوجع بحاله ودرت العروق على جملتها ورأيت في الرأس والوجه والعين امتلاء واضحا فيجب ان تقصد فصد العروق التي يستفرغ فصدها من نفس الدماغ كفصد العروق التي في الانف من كل جانب وفصد العروق التي في الجبهة فإنه عرق يستأصل فصده كثيرا من آلام الرأس ويجب ان يراعى في ذلك جهة الوجع فان كان من الجانب المؤخر فصد العروق التي تلي جهة القدام وان كان في جانب آخر فصد العرق الذي يقابله في الجهة وإذا اعوز في الجهة المقابلة عرق اعتمدت الحجامة بدل الفصد وقد قال الحكيم اركيغايس ان ذلك أن لم يغن فالواجب ان يحجم على الكاهل ويسرح منه دم كثير ويمسح موضع الحجامة بملح مسحوق ويلزم الموضع صوفا مغموسا في زيت ثم يوضع عليه من الغد دواء خراجي وليس ذلك في هذا بعينه بل في جميع أنواع الصداع المزمن من مادة خبيثة اية مادة كانت وقد ينتفع كثيرا في هذا النوع من الصداع وما يجرى مجراه بفصد الصافن وحجامة الساق فهذا تدبيرهم من جهة الفصد وإذا أحس ان هناك شوبا من مادة صفراوية فلا بأس باستفراغها بما يلين الطبيعة ويزلق المادة مما يذكر في باب الصداع الصفراوي ويجب ان يدام تليين الطبيعة بالجملة بمثل المرقة النيشوقية والاجاصية ومرقة العدس والمج أعني الماش دون جرمهما وان يغذي المشتكى بأغذية مبردة تولد دما باردا إلى اليبس والغلظ ما هو يميل إلى القبض مثل السماقية والرمانية والعدسية بالخل والطفشيل الا ان يتوقى يبس الطبيعة وأنت في معالجة أمراض الرأس كثير الحاجة إلى اللين من الطبع وفي مثل هذه الحالة فلك ان تعدل هذه القوابض بالترنجبين والشيرخشك وجميع ما يحلى مع تليين ويجب ان تكون هذه الأغذية حسنة الكيموس ويقلل من مقدارها ولا يتملأ منها وإذا استعملت النطولات والمروخات استعملت منها ما فيه تبريد وليس فيه ترطيب شد يد بل فيه ردع ما وقبض ما مثل ماء الرمان والعصارات الباردة القابضة من الفواكه والأوراق والأصول ولعاب بزر قطونا بالخل وماء عصا الراعي واما علاج الكائن من مادة صفراوية فان رأيت معه أدنى حركة للدم فالعلاج هو أن يستفرغ الدم قليلا والا جعلت الابتداء من الاستفراغ بمثل الهليلج ان لم يكن حمى والا فبالمزلقة والتي ليس فيها خشونة وعصر شديد مثل الشيرخشك وشراب الفواكه ومياه واللبلاب وقد يستفرغ بالشاهترج أيضا والحقن اللينة وان كانت المواد الصفراوية غليظة أو
(٣٢)