كل خلط بلون الوجه والعين وربما اختلف ذلك في القليل والسبب في ذلك اما اندفاع من الخلط الملتهب إلى العمق أو احتقان فيه واما انجذاب من مواد حارة غير المواد الموجعة الباردة إلى ناحية العينين والوجه بسبب الوجع فان الوجع إذا حل في عضو جذب إليه والى ما يجاوره وأكثر ما ينجذب في مثل هذه الحال إلى العضو هو الدم وقد ينجذب غيره أحيانا واما الكائن عن الرياح فيقل معه الثقل ويكثر معه التمدد وربما كان معه نخس وربما كان كالتاكل ولا يكون في الريحي ثقل وقد يدل على الريحي والبخاري الدوي والطنين وربما درت معه الأوداج كثيرا وقد يكثر معه الانتقال أعني انتقال الوجع من موضع إلى موضع وإذا كثر البخار اشتد ضربان الشرايين وخيل تخييلات فاسدة وصحبه سدر ودوار واما الكائن عن أمزجة ساذجة فعلاماته الاحساس بتلك الأمزجة مع عدم ثقل ومع يبس الخياشيم فان يبس الخياشيم دليل مناسب لهذا واما الحارة فيحس العليل نفسه ويحس لامس رأسه حرارة والتهابا ويكون هناك حمرة عين وينتفع بالمبردات والبرد واما الباردة فيكون الامر فيها بالضد ولا يكون في وجههم نحافة الهزال ولا حمرة اللون ولا يكون الوجع مفرطا وان كان مزمنا واما اليابسة فيدل عليها تقدم استفراغ أو رياضات أو سهر كثير أو جماع كثير أو غموم ويكون من شأنها ان تزداد مع تكرر شئ من هذه واما الكائنة بالمشاركة فان تحدث وتبطل وتشتد وتضعف بحسب ما يحدث بالعضو المشارك من الألم أو يبطل ويشتد ويضعف وان لم يكن بمشاركة كان في سائر أفعال الدماغ كظلمة في العين وسبات وثقل دائم مع صلاح حال سائر الأعضاء وإذا كانت الآفة في نفس حجب الدماغ وكانت قوية دل على ذلك تأدى الألم إلى أصول العينين وان كانت الآفة في الغشاء الخارج أو في موضع آخر لم يتأد الألم إلى أصول العينين وأوجع مس جلدة الرأس والكائن بمشاركة المعدة فيدل عليه وجود كرب وغثى أو قلة شهوة أو بطلانها أو رداءة هضم أو قلته أو بطلانه بعد وجود الدليل السابق وإذا كان بسبب انصباب مرار إليها اشتد على الخواء وعلى النوم ربقا وربما كان الصداع بسبب في الدماغ فأوجب في المعدة هذه الأحوال والآفات على سبيل مشاركة من المعدة للدماغ لا على سبيل ابتداء من المعدة ومشاركة من الدماغ فيجب ان تتثبت في مثل هذا وتتعرف حال كل واحد من العضوين في نفسه فتحدس السابق من المسبوق ومما يدل على ذلك في المعدة خاصة اختلاف الحال في الهضم وغير الهضم واختلاف الحال في الخواء والامتلاء فان ألم المعدة ان كان من صفراء هاج على الخواء وان كان من خلط بارد كان في الخواء أقل ويسكنه الجوع وربما هيج الجوع منه بخارا فآذى لكنه مع ذلك لا يسكنه الاكل تمام التسكين في أكثر الامر وربما سكنه في الندرة لكن الالتهاب والحرقة والجشاء يفرق بينهما وأنت ستعرف دلائل الجشاء في موضع وكذلك يفرق بينهما سائر العلامات التي تذكر في باب المعدة وقد يدل على ذلك ما يخرج بالقئ ويدل عليه اختلاف الحال في الصداع بحسب اختلاف حال ما يرد على المعدة وكثير من الناس ينصب إلى معدتهم مرار بأدوار فإذا هاج الصداع واكلوا شيئا سكن فيكون ذلك دليلا على أنه بمشاركة المعدة وكذلك يسكن ان قذفوا مرارا ويدل ذلك الدليل وقد يستدل عليه من جهة الألم فان الذي بمشاركة المعدة أكثره يبتدئ في الجزء المقدم من اليافوخ وربما كان مائلا إلى وسط اليافوخ ثم قد ينزل والذي يكون من الكبد
(٢٩)