وكثيرا ما يكون ذلك من مادة صفراوية تنصب إلى المعدة من المرارة على الوجه السالف ذكره أو من نزلة من الرأس حرارة حادة وخصوصا إذا لم يكن الانسان صفراويا في مزاجه ويستدل أيضا على أن السبب حرارة مادية أو ساذجة من جهة سالف التغذي بالغذاء البعيد عن الدخانية مثل خبز الشعير فان مثله إذا جشا جشاء دخانيا فالسبب حرارة المعدة وكذلك يتأمل البراز هل هو مراري فان كان مراريا دل على أن السبب حرارة في المعدة وان لم يكن البراز مراريا فلا يوجب أن يكون السبب في المعدة فإنه ربما كان سوء مزاج مفرد والقئ أيضا أدل دليل بما يخرج فيه عليه وقد يدل الجشاء الدخاني على سهر لم تجد معه المعدد فراغا كافيا للهضم فاشتعلت وسخنت واما ان كان الجشاء حامضا ليس عن غذاء حامض ولا عن غذاء إذا أفرط فيه تعير إلى الحموضة فذلك لبرد المعدة وخصوصا إذا جربت الأغذية البعيدة عن التحمض مثل العسل فوجدتها تحمض فاحكم ان السبب في ذلك برد المعدة بلا مادة أو بمادة ويصحب الذي بالمادة ثقل في فم المعدة دائما وأكثر ما يعرض لأصحاب السوداء ولأصحاب الطحال ولمن ينزل إلى معدته نوازل باردة وقد يحمض الجشاء عن حرارة إذا صادفت مادة حلوة فأغلتها وحمضتها ويدل على ذلك أن يكون جشاء حامض مع علامات حرارة والتهاب ومرارة فم وعطش وانتفاع بما يبرد ومما يستدل فيه على أن الحرارة المفرطة قد تحمض الطعام أو الجشاء ان الحرارة قد تحمض اللبن أسرع مما تحمضه البرودة وقد يستدل بالقئ أيضا على المادة وإذا كان الجشاء منتنا فقد يدل على عفونة في المعدة دلالة البخر وقد يدل على قروح المعدة والسهك والسمكي والحمائي يدل على رطوبة متعفنة والزنجاري يدل على حدة وحرارة مع عفونة وهو أشد دلالة على الحرارة من الدخاني واما ان كان الجشاء غير حامض ولا دخاني لكنه مؤد لطعم بعد مدة آتية على تناول الطعام فهو يدل على ضعف المعدة عن إحالة الطعام وأما الاستدلال مما يوافق أو ينافي أو يؤذى فهو أن تنظر هل الأشياء المبردة توافقه أو الأشياء المجففة توافقه والمرطبة بعد أن يراعى شيئا واحدا أو كثير ما يقع الغلط بسبب اغفاله إذا لم يراع وهو أن الأشياء المبردة كثيرا ما تكسر غليان الخلط الرقيق المائي الرطب أو ملوحة الخلط البلغمي فيظن أنه قد وقع به الانتفاع وان كان هناك حرارة والشئ المسخن كثيرا ما يدفع الخلط الحار ويحلله فيظن أنه قد وقع به الانتفاع وان كان هناك برودة بل يجب أن ينظر مع هذين إلى سائر الدلائل وأما الاستدلال مما يوجد عليه حس المعدة انها ان لم تحس بلدغ بل بثقل فالمادة بلغمية زجاجية وان أحست باللذع والالتهاب فالمادة مرة أو مالحة أو بلذع بغير التهاب فالمادة حامضة وان كان هناك لذع مع خفة فالمادة لطيفة أو قليلة وان كان مع ثفل فهي غليظة أو كثيرة وأما الاستدلال بأحوال المشاركات فان ينظر مثلا هل الدماغ منفعل عن أسباب النوازل باعث إلى المعدة النوازل أو هل الكبد مولدة للصفراء باعثة إياها أو هل الطحال عاجز عن نفض السوداء فهو وارم كثير وهذا يعرف السبب وينظر هل بتخيل امام العين شئ معتاد وغير ثابت وهل يحدث صداع أو وسواس مع الامتلاء ويقل مع الخوا وكذلك الدوار خاصة وهل يحدث خفقان على الامتلاء أو على الخوا أو غشى وتشنج وهذا يعرف الغرض فان كان الامتلاء يحدث خيالات أو صداعا أو وسواسا ومنامات مختلفة أو خفقانا أو سباتا عظيما فالمعدة ممتلئة
(٢٩٥)