وإذا عرض في يوم بحران كان مخوفا قتالا فان البحران بالأورام الخناقية قتال لا محالة (العلامات) العرض العام لجميع أصناف الخوانيق ضيق النفس وبقاء الفم مفتوحا وصعوبة الابتلاع حتى أنه ربما أراد صاحبه ان يشرب الماء فيخرج من منخريه وجحوظ العينين وخروج اللسان في الشديد منه مع ضعف حركته وربما دام كثيرا ويكون كلامه من الصنف الذي يقال ان فلانا يتكلم من منخريه وهو بالحقيقة بخلاف ذلك فان الذي ينسب إلى هذا في عادة الناس انما هو مسدود المنخرين فهو بالحقيقة لا يتكلم من المنخرين وأما الوجع فلا يشتد في البلغمي والصلب ويشتد في الحار وان اشتد الوجع فربما انتفخت الرقبة كلها والوجه وتدلى اللسان واسلم الذبحة ما لا يعسر معها النفس ونبض أصحاب الخناق في أوله متواتر مختلف ثم يصير صغيرا متفاوتا ويشترك جميع الورم في أنه يحس اما بالبصر واما باللمس بان تحس أعضاء المرئ والحنجرة جاسية متمددة ويكون صحبه كأنه يشتهى القئ والزوالي يكون معه انجذاب من الرقبة إلى داخل وتقصع حيث زال الفقار وإذا لمس أوجع وإذا نام على قفاه لم يسغ شيئا يبلعه البتة والفرق بين ضيق النفس الكائن بسبب الذبحة والكائن بسبب ذات الرئة ان الذي في ذات الرئة لا يختنق دفعة وهذا قد يختنق والفرق بين الورم في الحنجرة والورم في المرئ أنه إذا كان البلع ممكنا والنفس ممتنع فالورم في الحنجرة أو كان بالعكس فالورم في المرئ وربما عظمت الحنجرة حتى يمتنع البلع وربما عظم المرئ حتى يمتنع التنفس وانما يضيق النفس من أورام المرئ ما كان في أعلاه وأما دون ذلك فلا يمنع النفس وان عسر أو ضيق لأنه لا يبلغ ان يزاحم القصبة وطرفها فلا يدخلها هواء البتة وإذا كان الورم في المرئ الذي لا يبرأ والورم الذي ليس بذلك الردئ بل هو آخر عضل المرئ وان كان لا يرى أنه لا يضيق معه النفس إلا عند البلع والردئ منه الذي يكون داخل الحنجرة ولا يظهر للحس من خارج منه شئ ولا من داخل إذا تؤمل حلقه بل هو غائر ثم الذي لا يرى من داخل ويرى من خارج والخناق الردئ فإنه يعجل إلى منع النفس وإذا استلقى صاحبه امتنع نفسه أصلا وإذا لم يستلق يكون عسر النفس أيضا دائم تمديد العنق احتيالا للتنفس بتململ ويحب الانتصاب ويقدر على الاضطجاع وإذا بلغ ضيق النفس والحاجة إلى اخراج البخار الدخاني إلى أن تزعج القوة المتنفسة الرطوبات إلى خارج في التنفس فيظهر الزبد فلا رجاء فيه ولا يجب أن يعالج على أنه قد يعرض ان يزيد المخنوق أحيانا ثم يعافى وذلك إذا كانت هناك قوة وشهوة غذاء وأما إذا اخضر وجهه واسودت محاجر عينيه فهو ميت وكذلك إذا صغر النبض وبردت الأطراف وغلظ اللسان واسوداده من العلامات الرديئة وإذا كان مع الخوانيق الرديئة حمى شديدة فالموت عاجل لان الحمى محوج إلى نفس كثير وقد قيل في علامات الموت السريع ان من كان به خوانيق فتغير لون مؤخر عنقه عن حمرته المعتادة تغيرا إلى البياض أو إلى الخضرة وعرق إبطه وأرنبته عرقا باردا فإنه يموت في أحد يوميه * وأما علامات الرجاء فان تنتقل الحمرة إلى خارج وكثيرا ما يفتحون حينئذ أعينهم ويفيقون وكذلك إذا تغير نفسهم وأخذوا يتنفسون نفسا قصيرا وذلك لأنهم يبتدرون في حال الشدة إلى تطويل النفس ليدخلوه قليلا
(٢٠٠)