الأمزجة الباردة وأصحاب الأمزجة الحارة في أنفسهم أكثر امنا لعروض ذلك لهم من الأسباب البدنية من أصحاب الأمزجة الباردة فان الدماغ البارد لا ينضج ما يصل إليه من الغذاء ولا يتحلل ما يتصاعد إليه من الأبخرة بل ينكس وصول الغذاء وترتكم البخارات نكس الانبيق لما يتصاعد إليه من القرع فيدوم عليه النوازل والنزلة قد تكون غليظة وقد تكون رقيقة مائية وقد تكون حارة مرة ومالحة أو رديئة الطعم وقد تكون حارة لذاعة وقد تكون باردة والنزلة الباردة تنضج بالحمى وأما الحارة فلا تنتفع بالحمى والنوازل والأمراض النزلية تكثر عند هبوب الشمال وخصوصا بعد الجنوب وتكثر أيضا في الشتاء وخاصة إذا كان الصيف بعده شماليا قليل المطر والخريف جنوبيا مطيرا وقد تكثر النوازل أيضا في البلاد الجنوبية لامتلاء الرؤس قال بقراط أكثر من تصيبه النوازل لا يصيبه الطحال قال جالينوس لان أكثر من به مرض في عضو فان أعضاءه الأخرى سليمة أقول عسى ذلك لان المتهئ للنوازل ارق أخلاطا ومن غلظت اخلاطه لم يتهيأ للنوازل كثيرا والصداع إذا وافق النزلة زاد فيها بالجذب (العلامات) علامة النزلة الحادة الحارة ان كانت زكامية حمرة الوجه والعينين ولذع السائل ورقته وحرارة ملمسه وربما عرضت معه حمى فلا ينتفع بها وان كانت حلقية فحده ما ينزل إلى الحلق وشدة احراقه ورقته مع التهاب يحس به إذا تنخع به ويدل عليه نفث إلى الصفرة والحمرة وقد يكون هناك سدة أيضا وغنة ودغدغة حريفة وعلامة النزلة الباردة برد السيلان ان كان في الانف ودغدغة في الانف مع تمدد الجبهة وشدة السدة والغنة وربما دل عليها غلظ المادة وان كانت إلى الحلق فبرد ما يتنخع به وبياضه والانتفاع بحمى ان عرضت * (المعالجات) * علاج النزلة محصور في اعراض النقصان من المادة ومقابلة السبب الفاعل وقطع السيلان أو تعديله أو تحريكه إلى جهة أخرى والتقدم بمنع ما عسى أن يتولد منه مثل خشم في الانف وقروح على المنخر أو مثل خشونة في الحلق وسعال وقروح الرئة وما يليها وورم وجميعه محتاج إلى هجر النخم وترك الامتلاء من الطعام والشراب والعطاس ضار في أول حدوث النزلة والزكام مانع من نضج الأخلاط الحاصلة في الدماغ التي لا تنضج الا بالسكون ومع ذلك فإنه يجذب إليه فضول أخرى وهو بعد النضج بالغ جدا بما يستفرغ من الفضل النضيج والمبتلى بالزكام والنزلة يجب أن لا يبيت ممتلئ البطن طعاما فيمتلئ رأسه وان يديم تسخين الرأس وتبعيده عن البرد ويقيه الشمال خصوصا عقيب الجنوب فان الجنوب يملؤه ويخلخل والشمال يقبض ويعصر ويقل شرب ماء الثلج ولا ينام نهارا ويعطش ويجوع ويسهر ما أمكن فهو أصل العلاج والاسهال واخراج الدم يبدأ به ثم بالاسهال بعده إذا دعت الحاجة إليهما جميعا وقلما يستعجل إلى الفصد خصوصا في الابتداء الا لكثر لا تحتمل وأولى نزلة لا يفصد فيها ما خلا عن السعال فان كان سعال قليل النفث فلابد من قليل فصد مخلف عدة لما لعله أن يخرج إلى تكريرات ويستعمل شراب الخشخاش الساذج ان كان سهر والا فبالسكر إن لم يكن سهر والحقنة تجذب الفضل وتلين الطريق بمثل ماء الشعير في نفوذه وإذا وجد مع النزلة نخس يندوه دل على أن المادة تميل إلى الجنب فليبادر وليفصد والتدخينات ربما أورثت حمى وحب السعال لخشونة الصدر لا لمواد الرأس ويجب أيضا ان يصابر
(١٦٧)