فما كان من المرئيات بحذاء الجهة المسدودة لم يدركه البصر وما كان بحذاء الجهة المكشوفة أدركه وربما أدرك البصر من شئ من الأشياء نصفه أو بعضه ولم يدرك الباقي الا بنقل الحدقة وربما أدركه بتمامه تارة ولم يدركه بتمامه أخرى وذلك بحسب موضعه فإنه إذا حصل بتمامه بإزاء السدة لم يدرك منه شيئا وإذا حصل بتمامه بإزاء الكشف أدرك جميعه وهذه السدة الناقصة قد تقع إلى فوق ففوق أو إلى فوق وأسفل وقد يتفق ان يكون ذلك في حاق واسطة الثقبة وما يطيف بها مكشوفا وحينئذ انما يرى من كل شئ جوانبه ولا يرى وسطه بل يرى في وسطه ككوة أو هوة ومعنى ذلك أنه لا يرى فيتخيل ظلمة وأما اختلافه في الكيف فتارة في القوام فان بعضه رقيق صاف لا يستر الضوء والشمس وبعضه غليظ جدا وفي اللون فان بعضه هوائي اللون وبعضه أبيض جصي اللون وبعضه أبيض لؤلؤي اللون وبعضه ابيض إلى الزرقة أو الفيروزجية والذهبية وبعضه أصفر وبعضه اسود وبعضه أغبر واقبله للعلاج من جهة اللون الهوائي والأبيض اللؤلؤي والذي إلى الزرقة قليلا والى الفيروزجية وأما الجبسي الجصي والأخضر والكدر والشديد السواد والأصفر فلا يقبل القدح ومن أصناف الغليظ صنف ربما صار صلبا جدا حتى يخرج ان يكون ماء ولا علاج له وقبله للعلاج من جهة القوام هو الرقيق الذي إذا تأملته في الفئ النير فغمزت عليه إصبعك وجدته يتفرق بسرعة ثم يعود فيجتمع فهذا يرجى زواله بالقدح على أن مداومة هذا الامتحان مما يشوش الماء ويعسر القدح وربما جربوا ذلك بوجه آخر وهو ان يوضع على العين قطنة وينفخ فيها نفخ شديد ثم ينحى وينظر بسرعة هل يرى في الماء حركة فان رأى فهو منقدح وكذلك ان كان التغميض لعين يوجب اتساع الأخرى وما كان بعد سقطة أو مرض دماغي فحدث بعده عسر برؤه * (العلامات) * العلامة المنذرة بالماء الخيالات المذكورة التي ليست عن أسباب أخرى وقد شرحنا أمرها في باب الخيالات وان يحدث معها كدورة محسوسة خصوصا إذا كان في إحدى العينين وان تتخيل له الأشياء المضيئة كالأسرجة مضاعفة وقد يفرق بين الماء والسدة الباطنة بان إحدى العينين إذا غمضت اتسعت الأخرى في الماء ولم تتسع في السدة وذلك لان سبب ذلك الاتساع اندفاع الروح الذي كان في العين المغمضة إلى الأخرى بقوة فإذا أصابت سدة من وراء لم تنفذ وهذا في أكثر الامر وفي أكثر الامر تتسع الأخرى الا ان يكون الماء شديد الغلظ وان لم تكن سدة وفي الانتشار لا يكون شئ من هذا * (المعالجات) * انى قد رأيت رجلا من كان رجع إلى تحصيل وعقل قد كان حدث به الماء فعالج نفسه بالاستفراغات والحمية وتقليل الغذاء واجتناب الأمراق والمرطبات والاقتصار على المشويات والقلايا واستعمال الأكحال المحللة الملطفة فعاد إليه بصره عودا صالحا وبالحقيقة انه إذا تدورك الماء في أوله نفع فيه التدبير وأما إذا استحكم فليس الا القدح فيجب ان يهجر صاحبه الامتلاء والشرب والجماع ويقتصر على الوجبة نصف النهار ويهجر السمك والفواكه واللحوم الغليظة خاصة فاما القئ فإنه وان نفع من جهة تنقية المعدة فهو ضار في خصوصية الماء وقد عرفنا قانون علاجه الدوائي في باب الخيالات ولنذكر أشياء مجربة * (وصفتها) * يؤخذ حب الغار المقشر عشرة أجزاء والصمغ جزء واحد يسحقان ببول صبي غير مراهق للماء ولضعف البصر بالماء الساذج
(١٤٦)