وكذلك كان حال زوجته الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء " عليها صلوات ربي وسلامه "، فإنها لم تزل تتصدق بغلة فدك وغيرها، وتنفق الأموال في سبيل الله سبحانه، لتعيش هي " عليها السلام " حياة الزهد، والعزوف عن الدنيا، وعن زبارجها وبهارجها.
وحتى هذه الموقوفات والصدقات، فإنها لم تسلم من الظلم والظالمين، فقد استولى الحكام عليها، ومنعوا من استمرار انفاقها في سبيل الله، ومن انتفاع الفقراء والمحتاجين بها، ولتصبح بأيدي خصماء أهل البيت من بني أمية، الذين كانوا يخضمون مال الله خضم الإبل نبته الربيع، على حد تعبير علي " عليه السلام " في خطبته الشقشقية المذكورة في نهج البلاغة.
الزهد.. الحرية:
وكلمة أخيرة نود تسجيلها هنا، وهي: أن بعض الناس يرى في الزهد معنى غير واقعي، ولا سليم.
فيرى: أن الزهد هو: أن يلبس الإنسان الخشن، ويأكل من فضول طعام الناس، ويتخلى عن كل شؤون الحياة، فلا يعمل، ولا يسعى، ولا يكد على عياله، ولا يملك شيئا من حطام الدنيا.. وذلك لأن عمله، وحصوله على المال إنما يعني: أنه يحب الدنيا، وليس ذلك من الزهد في شئ.
وإذا كان لا مال لديه، فلا يكون مكلفا بشئ، ولا يتحمل أية مسؤولية مالية، لا تجاه نفسه، ولا تجاه غيره.
ونقول:
إن هذا الفهم للزهد، غير مقبول في الإسلام، بل هو خطأ كبير وخطير، فإن الحصول على المال لا ينافي الزهد ما دام يضعه في مواضعه