بل إن المسلمين أنفسهم ما كانوا يظنون خروجهم، ولا يتصورونه، كما أن اليهود أنفسهم كانوا مطمئنين إلى أن حصونهم ستمنعهم.
ولكن الله فتح حصونهم من الداخل، فقذف الرعب في قلوبهم، فلم تنفعهم الحصون المادية شيئا..
ومن الواضح: أن الهزيمة من الداخل، هي الأساس للهزيمة المأدبة، فإذا سقطت القلوب، وتهاوت، وقذف فيها الرعب، فلسوف لن تنتفع بأي شئ آخر بعد ذلك، مهما كان قويا وكبيرا.
ونفهم من الآية بالإضافة إلى ما تقدم، ما يلي:
1 - إن الحرب النفسية لها دور كبير، بل لها الدور الأكبر في تحقيق النصر الكبير عسكريا، فليلاحظ قوله: وقذف في قلوبهم الرعب.
2 - إن العمل العسكري الناجح، لابد أن يعتمد مبدأ المباغتة، من النواحي التي لا يحسب العدو لها حسابا..
3 - إن الإعتماد على الله في تحقيق النصر، إنما يعني إمكانية مواجهة العدو حتى في حالة تفوقه العسكري، ومعنى ذلك.. أننا يجب أن لا ننتظر حتى يتحقق التوازن عسكريا، وتسليحيا فيما بين قوى الإيمان وقوى الكفر، بل يمكن المبادرة لمواجهته، حتى في صورة عدم التكافؤ في الإمكانات المادية.
4 - إن العامل المادي ليس هو القوة الوحيدة، فإن العامل الروحي والمعنوي له قسط منها، فلابد من أخذه بنظر الاعتبار.
العز، والذل.. بماذا؟
ويذكر النص التاريخي: أن سلام بن مشكم قد نصح حيي بن أخطب بقبول الجلاء من أول الأمر، حيث تبقى لهم أموالهم ونخلهم، فكان مما قاله له: