وعليه، وقد ثقل عليهم إقامة شعائره، والالتزام بأحكامه، وأن يربوا أنفسهم تربية صالحة، وفقا لأهدافه ومراميه - قد جعلهم - يحسون بالضعف، ويشعرون بأنهم قد خسروا واحدا من أهم حلفائهم ومن هم على رأبهم، ولهم نفس أهدافهم وطموحاتهم بالنسبة إلى مستقبل الإسلام والمسلمين..
فخابت آمالهم، إذ أن من الواضح: أن مجاراة المنافقين للمسلمين، إنما كان - في الأكثر - يهدف إلى الحصول على بعض الامتيازات والمنافع، ثم يديرون ظهورهم إليهم ويواصلون مسيرتهم بالطريقة التي تروق لهم، وبالاسلوب الذي يعجبهم ويحلو لهم. فليس الإسلام والمسلمون سوى وسائل توصلهم إلى تلك المآرب، وتحقق لهم هاتيكم الأهداف..
وأما أولئك الذين أظهروا الإسلام، لأن ظروفهم، وعلاقاتهم قد تلقوا ضربة هائلة ومخيفة، وهم يرون الإسلام تقوى شوكته، ويتعمق ويتجذر، ويستقطب، ويجتاح كل خصومهم، ويدمرهم، أو يقضي على مصادر القوة فيهم..
فكان من الطبيعي أن نجد المنافقين من أولئك وهؤلاء يشتد حزنهم، ويتضاعف كمدهم، ويكبر خوفهم، ولم يخف حالهم على أحد، وسجله التاريخ على صفحاته، ليخلد خزيهم، وذلهم، فذكر المؤرخون:
أنه حين أجلي بنو النضير: " حزن المنافقون عليهم حزنا شديدا " (1).