وما يلفت في هذه الرواية - علا تقدير صحتها ولا نرى داعيا للوضع فيها - هو أننا نجده (ص) يستفيد حتى من مناسبة كهذه ليقوم بدوره في تعريف أصحابه على أمر يلزمهم أن يعرفوه بعمق وصفاء وذلك من خلال الاستفادة من أسلوب التجسيد الضاهر للحقيقة التي يراد اطلاعهم عليها واقناعهم بها حيث يكون ذلك أوقع في النفس مما لو اكتفى بأسلوب التعليم النظري والمجرد خصوصا إذا أدركنا ان هذا التجسيد قد ترك اثره النفسي فيهم وأثار فيهم انفعالات ظهرت على شكل تعجب من رحمة ذلك الطائر بولده فكان لا بد من الاستفادة من هذا الحالة النفسية وتوظيفا لصالح الإدراك الشعوري بالحقيقة التي يراد لهم لمسها بروحهم ومشاعرهم بالدرجة الأولى ثم بعقلهم في مرحلة لاحقة النبي يعالج ابن الأعرابي:
روي: أنه في هذه الغزوة جاءت امرأة بدوية بابنها إلى النبي (ص) فقالت له: يا رسول هذا ابني قد غلبني عليه الشيطان ففتح فاه فبزق فيه وقال: إخسأ عدو الله انا رسول الله ثم قال رسول الله (ص) لها شأني بابنك لن يعود إليه شيئا مما كان يصيبه فكان كذلك (1) وذكرت هذه القصة في غزوة المريسيعة أيضا (2) التي ستأتي في حوادث السنة السادسة ونقول 1 - ان هذه الاعرابية قد جاءت بولدها إلى النبي (ص) ليداويه لها من ساقه في ذلك بدافع من احساسها الفطري بما لرسول الله (ص) من