تحسبهم جميعا، وقلوبهم شتى، قال تعالى ﴿لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون﴾ (1).
قد أعطت هذه الآية الشريفة تصورا متكاملا عن حالة أولئك الذين لا يملكون صفة الإيمان، حيث أرجعت هذه الحالة إلى عللها وأسبابها، وربطتها بمناشئها الحقيقية، بصورة واضحة ودقيقة.
ولا نريد أن نستعرض هنا كل ما تعرضت له الآية تصريحا، أو تلويحا، فإن ذلك يحتاج إلى توفر تام، وتأمل ودقة وجهد، لا نجد لدينا القدرة على توفيره فعلا، وإنما نريد ان نسجل هنا حقيقة واحدة، نحسب أن الإلفات إليها يناسب ما نحن بصدده، وهي:
أن النظرة المادية للحياة، وعدم الإيمان بالآخرة، أو عدم تعمق الايمان بها يجعل الإنسان يقيس الأمور بمقياس الربح والخسارة في الدنيا. وهذا - ينظره - هي الذي يعطيها القيمة، أو يفقدها إياها، ولتصبح الحياة الدينا - من ثم - هي الغاية، وهي النهاية، وهي كل شئ بالنسبة إلى هذا النوع من الناس، فإذا فقدها، فلا شئ له بعد ذلك على الإطلاق. ويصبح شخصه كفرد هو المعيار والميزان للصلاح والفساد،