الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص) - السيد جعفر مرتضى - ج ٨ - الصفحة ٢٥٩
4 - إن الاعتراض حيث لابد منه حتى على الحاكم، مهما كان قويا وعاتيا، هو مسؤولية كل حتى النساء بالمقدار الذي يمكن. ولا يختص ذلك بالرجال.
5 - إن التصدي للمطالبة بالحق وتسجيل الموقف، لا يجب أن ينحصر في صورة العلم بإمكان الحصول على ذلك الحق، أو احتمال ذلك، بل إن ذلك قد يجب حتى مع العلم بعدم إمكان الحصول على شئ، فإن فاطمة " عليها السلام " كانت تعلم بأن مطالبتها لن تجدي شيئا في إرجاع ما اغتصب منها إليها، ولكنها مع ذلك قد سجلت موقفا حاسما وأدانت الإنحراف، وتصدت له، وماتت وهي مهاجرة وغاضبة على أولئك الذين أخذوا حقها، واستأثروا به دونها.
وحتى حين طلب منها أمير المؤمنين أن تستقبلهما، فإنها لم تجب بالقبول، بل قالت له " عليه السلام ": البيت بيتك، والحرة زوجتك، إفعل ما تشاء.
فدخلا عليها، وحاولا استرضاءها وبكيا لديها، ولكنها فضحت خطتهما، وأوضحت لهما، من خلال حملها إياهما على الإقرار بأنهما قد أغضباها، وبأن الله يغضب لغضبها، ويرضى لرضاها - أوضحت لهما: أنها لا تزال غاضبة ساخطة عليهما (1)، لا سيما وأنهما ما زالا يصران على غصبها حقها، ومنعها إرثها، وسائر أموالها.
وذلك لأنها عرفت أن بكاءهما وخضوعهما لها إنما يرمي إلى التأثير عليها عاطفيا، من دمن تقديم أي تراجع عن موقفهما السابق، أو تقديم أي إعتذار مقبول عنه.

(١) البحار ج ٤٣ ص ١٩٨ و ١٩٩ وكتاب سليم بن قيس ص ٢١١ و ٢١٢ وراجع:
كنز العمال ج ٥ ص ٣٥١ و ٣٥٢ والغدير ج ٧ ص ٢٢٨ و 229 والإمامة والسياسة ج 1 ص 14 وأعلام النساء ج 4 ص 124 وعن رسائل الجاحظ ص 300.
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 263 265 267 ... » »»
الفهرست