الرغم من أنه " صلى الله عليه وآله " قد أمر بقطع النخل بصورة مطلقة، ولم يقيد بشئ، ورغم أنه قد كان من الواضح: أن الهدف من هذا الإجراء هو الضغط على هؤلاء القوم، واغاظتهم، واذلالهم. وذلك إنما يتحقق بقطع ما له أثر ظاهر في ذلك، كما فهمه وعمل به ذلك الرجل الدري، الذي جعله الرسول إلى جانب ابن سلام.
ولا نريد أن نسترسل في شكوكنا حول ابن سلام هذا ونواياه: فنتهمه بالتعاطف مع اليهود الذين كان في وقت ما أحد علمائهم وكبرائهم، حسبما يذكره التاريخ عنه.
ولعل هذه الشكوك تجد لها أكثر من مؤيد، وشاهد فيما ينقل عن هذا الرجل من مواقف، وأقوال، واتجاهات، وأحوال، ولا سيما بعد وفاة الرسول الأكرم " صلى الله عليه وآله وسلم ".
ولسنا هنا في صدد عرض ذلك واستقصائه، فلنكف عنان القلم - إذن - إلى ما هو أهم، ونفعه أعم وأتم.
البعض لم يفهم الآية:
ومن العجيب هنا قول البعض: " لما أمر النبي (ص) بقطع النخل، وإحراقها ترددوا في ذلك، فمنهم الفاعل، ومنهم الناهي، ورأوه من الفساد وعبرهم اليهود بذلك، فنزل القرآن العظيم بتصديق من نهى، وتحليل من فعل، فقال تعالى: (ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين) (1).
مع أن الآية ظاهرة الدلالة في تأييد أولئك الذين امتثلوا أمر النبي " صلى الله عليه وآله "، وأن أمره إنما كان بإذن الله، وليس من عند نفسه