قد خفيت عليهم حتما وجزما. وما جرى في أحد لا يمكن ان يكون معيارا وميزانا ولا يفيدهم شيئا في حسابات الربح والخسارة والنصر والهزيمة والقوة والضعف فقولهم: إنه (ص) انما أراد بذلك مقابلة حالة الاستهزاء والسخرية بالتهديد بنقض العهد لا يصح فان جوابه (ص) لا يتلاءم وهذا الامر وذلك لأنه (ص): قد اعطى لمخشي وقومه حرية التصرف في هذا الاتجاه واكتفى هو بالاحتفاظ لنفسه بحق المقابلة بالموقف الحازم والحاسم لو نقض الآخرون عهدهم. وذلك ظاهر لا يخفى.
لا بد من الندم:
إن من الواضح: أن ما أقدم عليه أبو سفيان في نهاية حرب أحد حيث قطع على نفسه وعدا بلقاء المسلمين بعد عام في بدر الصغرى كان خطأ فاحشا ورأيا فطيرا تعوزه البصيرة بالأمور والواقعية في النظرة وفي الموقف.
وذلك أن المسلمين بعد ما جرى في أحد قد أصبحوا أكثر تصميما على توجيه ضربة موجعة وقوية لكبرياء قريش بعد ان وترتهم في حرب أحد التي لا بد أن يكون المسلمون قد استفادوا منها الدروس والعبر ولن يمسحوا أبدا بتكرر الخطأ الذي وقعوا فيه فيها مهما كان الثمن وقد أدرك أبو سفيان خطاه الكبير ذاك ولكن بعد فوات الاوان وكان صفوان بن أمية قد نبه إلى ذلك فلم يلتفت إليه.
وذلك لان المشركين وإن كانوا قد فاجأوا المسلمين في بلادهم ولم يجدوا الفرصة للإعداد والاستعداد ولكن المشركين لم يحققوا ما حققوه في تلك الحرب نتيجة لتنامي قدراتهم القتالية