فالصلاة والجهاد من سنخ واحد. فإذا كانت الصلاة تساعد الإنسان على ممارسة الجهاد الأكبر الذي هو جهاد النفس، فإن القتال والحرب جهاد أصغر يمكن من دحر العدو الذي يهدف إلى تسديد الضربة إلى الإسلام والمسلمين، أو يهدف إلى سلب الإنسان المسلم حرية الرأي وحرية الاعتقاد، وحرية التفكير. حرية الممارسة.
ولأجل هذه السنخية بين الصلاة، وبين الجهاد، فإننا لا نستغرب بعد هذا أن يكون أولئك المجاهدون، الذين يقفون في موقع متقدم لحمايته من الأعداء، تنصرف همتهم في هذه المواقع بالذات إلى ممارسة الجهاد الأصغر، والتربية النفسية عن طريق ترويض النفس، وتربيتها بالصلاة التي هي عمود الدين.
فتكون الصلاة والعبادات هي الشغل الشاغل لهم في هذه المواقع بالذات، حيث يرون أنفسهم فيها فيما بين الدنيا والآخرة، فتلين قلوبهم.
وتصبح نفوسهم أكثر شفافية وصفاء، ويصبحون أكثر شجاعة وصبرا تحملا للمكاره..
وما قصة عباد وعمار المذكورة إلا شاهد صدق على ما نقول.
2 - إننا نلاحظ: أن الرجل الذي استهدفه ذلك المشرك بسهامه لم يوقظ رفيقه لانهزامه أمام سهام ذلك العدو الغادر، وإنما من إحساسه بالمسؤولية تجاه ما كلفه به النبي (ص)، فهو يوقظه، لأنه يريد مواصلة الصمود بذلك، لكي لا يضيع ثغرا من ثغور المسلمين. أي أنهه لم يوقظه ليستعين به على الدفع عن نفسه، وليجد فيه قوة له كفرد، وإنما أراده ليحفظ الإسلام وثغوره. قصة غورث بن الحارث:
ويذكر المؤرخون والمحدثون هنا قصة مفادها: