بمسيره إليهم فتنحوا عنها إلى جهة غير معلومة بحيث لم يعد ثمة فائدة من المسير إليهم.
لكن الذي يعترض طريق قبول ذلك هو تلك التفاصيل الكثيرة والدقيقة التي يذكرها المؤرخون مما كان قد حصل في غزوة دومة الجندل.
ولا سيما نع تصريحهم بأنه لما كان بينه وبين دومة الجندل يوم قال الدليل: يا رسول الله إلخ.. وتصريح بأنهم أقام أياما يبث السرايا في النواحي.
فالأقرب أن يقال: إن هؤلاء الذين ادعوا: أنه قد رجع قبل أن يبلغها قد غلطوا في ذلك وليس الغلط من مثل هؤلاء بعزيز.
ونسجل هنا ما يلي:
ألف: إننا نلاحظ: أن النبي (ص) يختار المسير ليلا والكمون نهارا ليمكن له مفاجأة العدو وأخذه على حين غرة فيحقق بذلك الغرض من دون أن يتكبد المسلمون خسائر كبيرة لو أن المشركين كانوا مستعدين للحرب عارفين بمسير المسلمين إليهم.
ويكون بذلك قد قدم لنا أيضا مثلا في التدبير الحربي السليم الذي يوفر مزيدا من الفرض لتسجيل النصر الحاسم من خلال الاستفادة من عنصر التخفي في التحرك نحو الهدف المطلوب.
ب: إن تحرك النبي (ص) والمسلمين كان بهدف الحفاظ على حرية حركة الناس وضرب مصدر المتاعب حينما أصبحت طرق المواصلات والإمدادات والتموين الذي يأتي عن طريق التجارة مع المناطق الشمالية كسورية وما والاها - إنه (ص) قد تحرك ليصبح طريق الناس آمنا وليمكنهم من أن يتواصلوا وينفع بعضهم من خلال نقل التجارب