يرى فيه ضمانة لبقائه، وحفظ نفسه هو أولا.
وذلك يوضح لنا أيضا السر في هؤلاء لا يقاتلون المؤمنين إلا من وراء جدر، أو في قرى محصنة، حسبما أو ضحته الآية الشريفة.
وما ذلك إلا لأن هؤلاء لا يعقلون معنى الحياة وأسرارها، ولا حكمة الخلق وأهداف الوجود، وفإن ذلك إنما جاء وفق المعايير، والأحكام العقلية والفطرية، فهو لا يشذ عنها، ولا يختلف ولا يتخلف عن أحكامها ومقتضياتها.
ولو أنهم فكروا واطلقوا عقولهم من عقال الهوى، لأدركوا ذلك كله، ولتغيرت نظرتهم للكون الحياة، ولعرفوا بعضا من أسرار الخلق والوجود، ولتبدلت المعايير والقيم، التي كانت تستند إلى أوهام وخيالات، وتؤكدها وتفرضها الفطرة الخالصة عن الشوائب، والبعيدة عن تجاذب الأهواء.
إذن.. فعدم التزامهم بهدى العقل، ورفضهم الانصياع لأحكامه، هو أصل البلاء، وسبب العناء، وهو ما أكدته الآية الكريمة، التي أرجعت حالتهم التي هي غاية خزيهم وذلهم وذلهم إلى ذلك، فهي تقول: (ذلك بأنهم قوم لا يعقلون).
اليهود والمنافقون لا ينصرون حلفاءهم:
ونلاحظ هنا: ان المعاهدات التي كان النبي " صلى الله عيله وآله " يبرمها مع اليهود، لم يظهر اليهود فيها وحدة متكاملة، بل كانوا شيعا وأحزابا فقد عاهد " صلى الله عليه وآله " كل قبيلة منهم على حدة: النضير وقينقاع وقريظة، وكذلك الحال بالنسبة لخيبر وفدك وغير ذلك، ومعنى ذلك هو أنهم كانوا فيما بينهم شيعا وأحزابا.
ويلاحظ أيضا: ان أيا من قبائلهم تنهض للدفاع عن القبيلة