مع ابن عباس في الفتيا فلما عمي ابن عباس كتب فبلغه ذلك فغضب قال وقال ابن اياس قال لي سعيد في رمضان أمسك علي القرآن فما قام من مجلسه حتى ختمه وقال سعيد قرأت القرآن في ركعة في البيت الحرام قال إسماعيل بن عبد الملك كان يؤمنا في شهر رمضان فيقرأ ليلة بقراءة عبد الله بن مسعود وليلة بقراءة زيد بن ثابت وليلة بقراءة غيرهم هكذا ابدا وسأله رجل ان يكتب له تفسير القرآن فغضب وقال لأن يسقط شقي أحب إلي من ذلك وقال خصيف كان من اعلم التابعين بالطلاق سعيد بن المسيب وبالحج عطاء وبالحلال والحرام طاوس وبالتفسير أبو الحجاج مجاهد بن جبير واجمعهم ذلك كله سعيد بن جبير وكان سعيد في أول امره كاتبا لعبد الله بن عتبة بن مسعود ثم كتب لأبي بردة بن أبي موسى الأشعري وذكره أبو نعيم الأصبهاني في تاريخ أصبهان فقال دخل أصبهان وأقام بها مدة ثم ارتحل منها إلى العراق وسكن قرية سنبلان وروى محمد بن حبيب ان سعيد بن جبير كان بأصبهان يسألونه عن الحديث فلا يحدث فلما رجع إلى الكوفة حدث فقيل له يا أبا محمد كنت بأصبهان لا تحدث وأنت بالكوفة تحدث فقال انشر بزك حيث يعرف اه. وقال أحمد بن حنبل قتل الحجاج سعيد بن جبير وما على وجه الأرض أحد الا وهو محتاج إلى علمه اه. وعن تقريب ابن حجر سعيد بن جبير الأسدي مولاهم الكوفي ثقة ثبت فقيه من الثالثة وعن مختصر الذهبي سعيد بن جبير الوالبي مولاهم أبو محمد ويقال أبو عبد الله أحد الاعلام اه. وعن المقدسي انه كان فقيها ورعا أحد اعلام التابعين روى عن ابن عباس واخذ العلم عنه وروى عنه ابنه عبد الله والحكم بن عيينة.
من اخباره ما ذكره ابن خلكان قال رأى عبد الملك بن مروان في منامه كأنه قد بال في المحراب أربع مرات فوجه إلى سعيد بن جبير من يسأله فقال يملك من ولده لصلبه أربعة فكان كما قال فملك من ولده لصلبه الوليد وسليمان ويزيد وهشام اه. وكان سعيدا استفاد من بوله في المحراب أربع مرات الذي هو محرم انه يملك من ولده لصلبه أربعة يستبيحون المحرمات.
التمييز مر عن المقدسي انه روى عن سعيد بن جبير ابنه عبد الله والحكم بن عيينة. وعن جامع الرواة انه نقل رواية عبد الله بن الحكم عن أبيه عنه ورواية ثابت بن أبي صفية عنه في مشيخة الفقيه في طريق النعمان بن سعد.
خبره مع الحجاج وقتله قال ابن خلكان: كان سعيد بن جبير مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس لما خرج على عبد الملك بن مروان فلما قتل عبد الرحمن وانهزم أصحابه من دير الجماجم هرب فلحق بمكة وكان واليها يومئذ خالد بن عبد الله القسري فأخذه وبعث به إلى الحجاج بن يوسف الثقفي مع إسماعيل بن واسط البجلي فقال له الحجاج ما اسمك؟ قال سعيد بن جبير. قال بل أنت شقي بن كسير، قال بل كانت أمي اعلم باسمي منك، قال شقيت أمك وشقيت أنت، قال الغيب يعلمه غيرك، قال لأبدلنك بالدنيا نارا تلظى قال لو علمت أن ذلك بيدك لاتخذتك إلها قال فما قولك في محمد؟ قال نبي الرحمة وامام الهدى قال فما قولك في علي أهو في الجنة أو هو في النار؟ قال لو دخلتها وعرفت من فيها عرفت أهلها، قال فما قولك في الخلفاء؟ قال لست عليهم بوكيل قال فأيهم أعجب إليك؟ قال أرضاهم لخالقي قال فأيهم ارضى للخالق؟ قال علم ذلك عند الذي يعلم سرهم ونجواهم. قال أحب ان تصدقني، قال إن لم أحبك لن أكذبك قال فما بالك لم تضحك قال وكيف يضحك مخلوق خلق من طين والطين تأكله النار قال فما بالنا نضحك؟ قال لم تستو القلوب ثم امر الحجاج باللؤلؤ والزبرجد والياقوت فجمعه بين يديه فقال سعيد: ان كنت جمعت هذا لتتقي به فزع يوم القيامة فصالح والا ففزعة واحدة تذهل كل مرضعة عما أرضعت ولا خير في شئ جمع للدنيا الا ما طاب وزكا. ثم دعا الحجاج بالعود والناي فلما ضرب بالعود ونفخ في الناي بكى سعيد، فقال ما يبكيك هو اللعب؟ قال سعيد هو الحزن اما النفخ فذكرني يوما عظيما يوم النفخ في الصور واما العود فشجرة قطعت في غير حق واما الأوتار فمن الشاة تبعث معها يوم القيامة. قال الحجاج ويلك يا سعيد قال لا ويل لمن زحزح عن النار وادخل الجنة، قال الحجاج اختر يا سعيد اي قتلة نقتلك قال اختر لنفسك يا حجاج فوالله لا تقتلني قتلة الا قتلك الله مثلها في الآخرة، قال أفتريد ان أعفو عنك؟ قال إن كان العفو فمن الله واما أنت فلا براءة لك ولا عذر قال الحجاج اذهبوا به فاقتلوه. فلما خرج ضحك فأخبر الحجاج بذلك فرده وقال ما أضحكك؟ قال عجبت من جرأتك على الله وحلم الله عليك، فامر بالنطع فبسط وقال اقتلوه فقال سعيد وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما انا من المشركين قال وجهوا به لغير القبلة قال سعيد فأينما تولوا فثم وجه الله قال كبوه لوجهه قال سعيد منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى قال الحجاج اذبحوه قال سعيد اما اني أشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله خذها مني حتى تلقاني بها يوم القيامة ثم قال اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدي. وكان قتله في شعبان سنة 95 ومات الحجاج بعده بستة أشهر ولم يسلطه الله تعالى بعده على قتل أحد إلى أن مات. وقيل للحسن البصري ان الحجاج قد قتل سعيد بن جبير، فقال اللهم ائت على فاسق ثقيف والله لو أن من بين المشرق والمغرب اشتركوا في قتله لكبهم الله عز وجل في النار. ويقال ان الحجاج لما حضرته الوفاة كان يغيب ثم يفيق ويقول ما لي ولسعيد بن جبير وقيل إنه في مدة مرضه كان إذا نام رأى سعيد بن جبير آخذا بمجامع ثوبه ويقول له يا عدو الله فيم قتلتني فيستيقظ مذعورا ويقول ما لي ولسعيد بن جبير. وكان سعيد يقول يوم اخذ وشى بي واش في بلد الله الحرام أكله إلى الله تعالى يعني خالدا القسري بن عبد الله وقيل إن الحجاج قال له لما أحضر إليه أما قدمت الكوفة وليس بها الا عربي فجعلتك إماما؟ قال بلى قال أما وليتك القضاء فضج أهل الكوفة وقالوا لا يصلح للقضاء الا عربي فاستقضيت أبا بردة بن أبي موسى الأشعري وأمرته ان لا يقطع أمرا دونك قال بلى قال أما جعلتك في سماري وكلهم رؤوس العرب قال بلى قال أما أعطيتك مائة ألف درهم تفرقها في أهل الحاجة في أول ما رأيتك ثم لم أسألك عن شئ منها قال بلى قال فما أخرجك علي قال بيعة كانت في عنقي لابن الأشعث فغضب الحجاج ثم قال أما كانت بيعة أمير المؤمنين عبد الملك في عنقك من قبل والله لأقتلنك يا حرسي اضرب عنقه فضرب عنقه اه ابن خلكان.
وفي هذا الخبر الأخير ما يلفت النظر من وجوه أولا منافاته لما مر لا سيما