له وكان متكئا فجلس ثم قال اخذته من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته ولم تجعل له مخرجا. والجواب عن هذا الحديث ان الخارج انما يكون هالكا إذا خرج مدعيا الإمامة لنفسه وزيد انما خرج للامر بالمعروف والنهي عن المنكر داعيا إلى الرضا من آل محمد.
وروى الكشي أيضا في ترجمة أبي بكر الحضرمي وعلقمة بسنده عن بكار بن أبي بكر الحضرمي قال دخل أبي وعلقمة على زيد بن علي وكان بلغهما انه قال ليس الامام منا من أرخى عليه ستره انما الامام من شهر سيفه فقال له أبو بكر يا أبا الحسين اخبرني عن علي بن أبي طالب أكان إماما وهو مرخ عليه ستره أو لم يكن امامه حتى خرج وشهر سيفه قال وكان زيد يبصر الكلام فسكت ولم يجبه فرد عليه الكلام ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبه بشئ فقال له أبو بكر ان كان علي بن أبي طالب إماما فقد يجوز ان يكون بعده امام مرخ عليه ستره وان لم يكن إماما وهو مرخ عليه ستره فأنت ما جاء بك هاهنا فطلب إليه علقمة ان يكف عنه فكف عنه.
وفيه عن أبي مالك الأحمسي:
قال زيد بن علي لصاحب الطاق تزعم أن في آل محمد إماما مفترض الطاعة معروف بعينه قال نعم وكان أبوك أحدهم قال ويحك فما كان يمنعه من أن يقول لي فوالله لقد كان يؤتى بالطعام الحار فيقعدني على فخذه ويتناول المضغة فيبردها ثم يلقمنيها أفتراه كان يشفق علي من حر الطعام ولا يشفق علي من حر النار فيقول لي إذا انا مت فاسمع وأطع لأخيك محمد الباقر ابني فإنه الحجة عليك ولا يدعني أموت ميتة جاهلية، فقال كره ان يقول لك فتكفر فيجب من الله عليك الوعيد ولا يكون له فيك شفاعة فتركك مرجئا لله فيك المشيئة وله فيك الشفاعة ثم قال: أنتم أفضل أم الأنبياء قال بل الأنبياء. قال: يقول يعقوب ليوسف لا تقصص رؤياك على اخوتك فيكيدوا لك كيدا لم يخبرهم حتى لا يكيدوا له كيدا ولكن كتمهم وكذا أبوك كتمك لأنه خاف منك على محمد ان هو أخبرك بموضعه من قلبه وبما خصه الله فتكيد له كيدا كما خاف يعقوب على يوسف من اخوته الحديث وهذا الحديث مع فرض صحة سنده معارض بالاخبار الكثيرة المستفيضة المتقدمة الدالة على احترام زيد لأخيه الباقر واعترافه بإمامته وعلى احترامه لابن أخيه الصادق واعترافه بإمامته واحترام الصادق له وحزنه لقتله وتفريقه المال في عيال من قتل معه.
وفي الكافي في باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل بسنده عن موسى بن بكر عمن حدثه ان زيد بن علي بن الحسين دخل على أبي جعفر محمد بن علي ع ومعه كتب من أهل الكوفة يدعونه فيها إلى أنفسهم (1) هذا الكلام لا يخلو من اغلاق ولعله لذلك لم يفسره المازندراني ولعله وقع فيه تحريف وان كان حاصله معلوما وهو انه إذا انتهت مدة الملك وقع فيه الخلل وأمكن للغير الاستيلاء عليه وأعقب في الملك والرعية الذل والصغار.
(2) هذا الكلام رد على من يجوز عدم عصمة الامام وعدم كونه اعلم رعيته.
(3) قال الفاضل المازندراني المراد النسبة المعنوية وهي النسبة في العلم والعمل ورياسة الدارين واما النسبة الصورية فالظاهر أنه لم ينكرها أحد.
(4) إشارة إلى الغلاة.
- المؤلف - ويخبرونه باجتماعهم ويأمرونه بالخروج فقال له أبو جعفر هذه الكتب ابتداء منهم أو جواب ما كتبت به إليهم ودعوتهم إليه فقال به ابتداء من القوم لمعرفتهم بحقنا وبقرابتنا من رسول الله عز وجل من وجوب مودتنا وفرض طاعتنا ولما نحن فيه من الضيق والضنك والبلاء فقال له أبو جعفر ع ان الطاعة مفروضة من الله عز وجل وسنة أمضاها في الأولين وكذلك يجريها في الآخرين والطاعة لواحد منا والمودة للجميع وامر الله يجري لأوليائه بحكم موصول وقضاء مفصول وحتم مقضي وقدر مقدور وأجل مسمى لوقت معلوم فلا يستخفنك الذين لا يوقنون انهم لن يغنوا عنك من الله شيئا فلا تعجل ان الله لا يعجل لعجلة العباد ولا تستبقن الله فتعجزك البلية فتصرعك فغضب زيد عند ذلك ثم قال ليس الامام منا من جلس في بيته وأرخى ستره وثبط عن الجهاد ولكن الامام منا من منع حوزته وجاهد في سبيل الله حق جهاده ودفع عن رعيته وذب عن حريمه قال أبو جعفر هل تعرف يا أخي من نفسك شيئا مما نسبتها إليه فتجئ عليه بشاهد من كتاب الله أو حجة من رسول الله ص أو يضرب به مثلا فان الله عز وجل أحل حلالا وحرم حراما وفرض فرائض وضرب أمثالا وسن سننا ولم يجعل الإمام القائم بأمره في شبهة فيما فرض له من الطاعة ان يسبقه بأمر قبل محله أو يجاهد فيه قبل حلوله وقد قال الله عز وجل في الصيد ولا تقتلوا الصيد وأنتم حرم أفقتل الصيد أعظم أم قتل النفس التي حرم الله عز وجل فإذا حللتم فاصطادوا وقال عز وجل لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام فجعل الشهور عدة معلومة فجعل منها أربعة حرما وقال فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا انكم غير معجزي الله ثم قال تبارك وتعالى فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم فجعل لذلك محلا وقال ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب اجله فجعل لكل شئ محلا ولكل اجل كتابا فان كنت على بينة من ربك ويقين من امرك وتبيان من شأنك فشأنك والا فلا ترومن أمرا أنت منه في شك وشبهة ولا تتعاط زوال ملك لم ينقض الله ولم ينقطع مداه ولم يبلغ الكتاب اجله فلو قد بلغ مداه وانقطع اكله وبلغ الكتاب اجله لانقطع الفضل وتتابع النظام ولا عقب الله في التابع والمتبوع الذل والصغار أتريد يا أخي ان يحيى ملة قوم قد كفروا بآيات الله وعصوا رسوله واتبعوا أهواءهم بغير هدى من الله وادعوا الخلافة بلا برهان من الله ولا عهد من رسوله وأعيذك بالله يا أخي ان تكون غدا المصلوب بالكناسة ثم ارفضت عيناه وسالت دموعه ثم قال الله بيننا وبين من هتك سترنا وجحدنا حقنا وأفشى سرنا ونسبنا إلى غير جدنا وقال فينا ما لم نقله في أنفسنا.
وهذا الحديث مع ضعف سنده ليس فيه الا ان زيدا قال إن الامام من خرج بالسيف ولم يرخ ستره ويقعد في بيته وهذه هي مقالة الزيدية وقد أقام عليه اخوه الباقر ع الحجة الواضحة والبرهان القاطع وفند ما قاله بما لا مزيد عليه ولم يظهر من زيد انه بقي مصرا على رأيه ولكنه مع ذلك خرج الا ان خروجه كما دلت عليه الروايات الأخرى لم يكن لدعواه الإمامة بل للامر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد الظالمين. وقد عرفت انه لم يدع إلى نفسه وانما أخرجه اهتضام بني أمية له فخرج ليأمر بالمعروف وينهي عن المنكر وصورة مبايعته الآتية تدل على ذلك. ولنا جواب واحد عن جميع هذه الأخبار بعد تسليم سندها هو ان ما دل على مدحه أكثر وأشهر ومعتضد بقرائن اخر.