مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ٢٥٩
ما بين ناشر حبل أمس أبرمه * تعد مسنونة من بعده البدع ويتجاوز الكثير من الأمور:
فقلت: كانت هنات لست أذكرها * يجزي بها الله أقواما بما صنعوا بغية إبلاغ رجال موقفا سياسيا يناقش أسسهم في اختيار الخليفة بأي حق بنوه يتبعونكم * وفخركم أنكم صحب له تبع...
وفيم صيرتم الاجماع حجتكم * والناس ما اتفقوا طوعا ولا اجتمعوا ويستطرد موضحا حججه، وينتهي إلى إكبار الإمام علي وبيان ما يتميز به من صفات وكفاءة:
صبرت تحفظ أمر الله ما اطرحوا * ذبا عن الدين فاستيقظت إذ هجعوا وكان، في مكان آخر، قد أشار إلى نهج الإمام في الحكم، ومن إشاراته:
- ثم قسمت بالسواء بينهم * فعظم الخطب عليهم وثقل - ولما امتطاها علي، أخو * ك، رد إلى الحق فاستثقلا، ويؤكد تأييده للحق:
جاهدت فيك بقولي يوم تختصم * الأبطال، إذ فات سيفي يوم تمتصع، هذا الحق الذي يمثل دنياه وآخرته:
هواكم هو الدنيا وأعلم أنه * يبيض يوم الحشر سود الصحائف قيل في مواقف مهيار الكثير، وقد أشرنا إلى بعض ما قيل، وكان مهيار يعرف ما يقال عنه، فكان يبتسم مشفقا على القائلين، ثم لا يلبث أن يخاطبهم محددا أسباب غيظهم ودوافعه طالبا من الله أن يكون الحكم فيلعن المداجي والكاذب ويعذبهما:...
من معشر لما مدحتك غظتهم * فتناوشوا عرضي وشانوا شانيا لما رأوا ما غاظ مني شنعوا * حاشاك أني قلت فيك مداجيا والله ينصب لعنه وعذابه * من قال فيك ومن يقول مرائيا 7 - هم الشعر ويتضح، من خلال هذا كله، ان مهيار لا يناهض العرب، كما أنه لا يناصر الفرس، وإنما يتخذ مواقف تنبثق من رؤية إنسانية للعالم والحياة واضحة وشاملة وعميقة، وترتكز رؤيته على إيمان عميق بمبادئ الاسلام الذي فك أسره وهداه وجعله إنسانا ذا قيمة ومعنى في هذا الوجود. وكان يريد لشعره أن يعادل هذه الرؤية فنيا وينقلها للآخرين، كما بدا لنا من تأكيده على عزمه نصرة مبادئه بشعره ولسانه.
وهذا يعني أن مهيار كان يرى أن للشعر تأثيرا في القلوب كبيرا قد يفوق تأثير السيوف القواطع:
إن اللسان لوصال إلى طرق * في القلب لا تهتديها الذبل الشرع وطالما كان للشعر مثل هذا التأثير في التغلغل إلى حنايا النفس الإنسانية، فإن الشاعر كان يجهد في صوغه شعرا جميلا مؤثرا يصفه بقوله:
وكالشجا قافية أسغتها * لو عارضت حنجرة البازل أط (أظ = أن).
ويتضح، من خلال قراءة نماذج من قصائد مهيار، أنه يملك مفهوما للشعر يرى إليه بوصفه التعبير الصادق الجميل الذي يجسد الرؤية وينقلها مؤثرا أشد تأثير. وانطلاقا من هذا الفهم للشعر كان مهيار يعنى بشعره عناية فائقة فيقول موجبا العناية به محددا مصدره:
وأحن عليه فإنه ولد أبوه قلب وأمه خاطر وإن يكن الشعر في مثل هذا الموقع، كانت العناية به واجبة، وقد يرقى حب صون الشعر وعدم امتهانه إلى مستوى الواجب الديني:
والشعر صنه، فالشعر، يحتسب الله، إذا لم يصن على الشاعر لا تمتهنه في كل سوق فقد * تربح حينا وبيعك الخاسر وينسجم مهيار مع فهمه هذا فيصون شعره عن الهجاء والمديح الكاذب ويحصر أغراض شعره في شؤون حياته الخاصة من تهنئة وعتاب وشكر ووصف مقدما لهذا كله بمقدمات وجدانية. وهو إن مدح أحدا فلا يقف على الأبواب ويمدح بما يراه مناقب تستاهل المديح، فيقول، على سبيل المثال في احدى قصائده المدحية:
ينصح الله والخلافة لا * يرفع في شهوة ولا يضع وزارة مذ أتيتها عاشت السنة وماتت البدع تشهد لي انها اليقين قضا * يا الله والمسلمون والجمع وقد جعله هذا الفهم للشعر: مصدرا ووظيفة وتأثيرا يبتعد عن التقليد وبخاصة عن المقدمات الطللية فنسمعه يقول فيها:
أجدك بعد أن ضم الكئيب * هل الأطلال إن سئلت تجيب ويبدو مهيار، في قوله هذا، وكأنه يحث على الانصراف إلى موضوعات الحياة وقضايا الإنسان.
إن اللافت في شعر مهيار، وقد أشرنا إلى ذلك غير مرة، ولعلنا لاحظناه في الأبيات التي كنا نثبتها استشهادا، هو فنية هذا الشعر المتمثلة في الصور وفي فنية الأسلوب وأناقته، نلمس هذه الفنية التي تبعد عن الصناعة البديعية وإن كانت تفيد منها صانعة ما يسمى ب‍ " سحر الألفاظ " المتكون من تضادها وتآلفها وتكرارها وتناغمها وتكونها موسيقى داخلية تلحظ في الكثير من المقاطع والأبيات.
والواقع أن الأمثلة على ما نذهب إليه كثيرة جدا، ونكتفي هنا على سبيل التمثيل فقط، إضافة إلى معظم ما اقتبسناه استشهادا في ثنايا قراءتنا هذه، بذكر بعض الأبيات المشيرة إلى ما نذهب إليه ولنقرأ هذا البيت:
أما ترون كيف نام وحمى * عيني الكرى، فلم ينم ظبي الحمى!؟
ونتوقف أمام هذه الألف التي تتكرر وكأنها نفس طويل يتأوه أو كأنها امتداد مدى يرتسم في الأفق، بانتظار إطلالة، ويقوم الانتظار قلقا ومتقطعا، فلنذكر كي نحس بذلك إلى هذه المحطات التي نتوقف عندها في هذا المدى الممتد بعيدا، "... حمى "، "... الكرى "، "... الحمى "، انها محطات نرقب فيها اطلالة هذا الظبي في انتظار يطول فيه السهر والتأوه والتطلع إلى البعيد...
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 5
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 10
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 12
4 أحمد بن منير الطرابلسي 15
5 إسماعيل الصفوي 18
6 أفضل الدين الكاشاني 19
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 21
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 22
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 23
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 24
11 جعفر همدر 25
12 جواد علوش - جون 28
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 30
14 حسين القزويني 35
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 36
16 حسن البحراني 40
17 الحسين بن نما الحلي 41
18 حيدر الآملي 42
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 43
20 الخليل الفراهيدي 46
21 خليل مغنية 47
22 خليل ياسين 48
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 50
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 51
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 52
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 53
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 56
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 58
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 59
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 60
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 61
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 62
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 64
34 عارف الحر 79
35 عباس اقبال 80
36 عباس أبو الحسن 81
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 82
38 عباس الهمداني 83
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 84
40 عبد الحسين نور الدين 85
41 عبد الرؤوف الأمين 86
42 عبد الرضا صادق 89
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 91
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 97
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 100
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 101
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 102
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 103
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 106
50 عبد المطلب الأمين 107
51 عبد المهدي مطر 112
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 115
53 علي رضا عباسي 117
54 علي أكبر دهخدا 119
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 121
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 124
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 125
58 علي بن الحسن شميم الحلي 126
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 127
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 128
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 129
62 فؤاد عباس 148
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 149
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 154
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 155
66 لطف الله العاملي 160
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 162
68 مجيد العطار 163
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 164
70 محمد أبو النديم 174
71 محمد بن إدريس الحلي 178
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 179
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 180
74 محمد الغفاري كمال الملك 181
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 183
76 محمد تقي بهار 184
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 185
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 186
79 محمد حسن الحكيم 187
80 محمد أبو جعفر الطوسي 188
81 محمد تقي الآملي 199
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 200
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 204
84 محمد الشويكي 205
85 محمد شرارة 206
86 محمد حسين الشهرستاني 210
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 211
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 212
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 213
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 218
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 219
92 محمد علي اليعقوبي 221
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 222
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 223
95 محمد المقدادي القمي 225
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 228
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 237
98 محمد هاشم الأشكوري 240
99 محمد بن هاني الأندلسي 241
100 محمد يوسف مقلد 243
101 محمد بن المبارك الكرخي 244
102 محمد مهدي البصير 245
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 246
104 محمود الحمصي 249
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 250
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 252
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 253
108 موسى الزين شرارة 268
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 270
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 271
111 نصير الدين ناصر العلوكي 272
112 ناصيف النصار 274
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 280
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 283
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 284
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 285
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 286
118 يحيى بن البطريق 289
119 يعقوب بن داود 290
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 291
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 296
122 الحجاج بن يوسف 299
123 كلمة الختام 301