مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ٢٥٧
مكانه الجماعة: القبلية أو الشعب وما يعنيه هذا من علاقات بين القبائل والشعوب.
ويثير السؤال عن الحسب، في مثل حالة مهيار، قضية كبرى كثر الحديث عنها وهي قضية السيد والمولى، وتثيره أسئلتها فيفخر بنسبه ومجد قومه القديم فيقول:
لا تخالي نسبا يخفضني * أنا من يرضيك عند النسب قومي استولوا على الدهر فتى * ومشوا فوق رؤوس الحقب مؤكدا أن هذا الانتماء القديم لا يخفضه، ولنلاحظ اختياره لهذه الكلمة التي تركز على المشكلة فكأنه يقول إن انتماءه إلى فارس لا ينقص من قدره فقومه قديما فعلوا وفعلوا... ثم يعلن هويته الحقيقية وانتماءه:
قد قبست المجد من خير أب * وقبست الدين من خير نبي ويكون بهذا قد جمع المجد من أطرافه:
وضممت الفخر من أطرافه * سؤدد الفرس ودين العرب تعد قضية الانتماء أو قضية هوية الإنسان، أهم قضايا الفرد في كل عصر وقد كانت على قدر من الأهمية كبير في تلك الفترة من فترات التاريخ العربي الاسلامي وذلك لاشتداد الصراع بين العرب وعناصر ذلك المجتمع، هذا الصراع الذي أبرز أشكالا عديدة: سياسية واجتماعية وثقافية، ولعل من أهم هذه الأشكال ما عرف باسم " الشعوبية ".
لن ندخل في مشكلات هذه القضية التي قيل فيها الكثير ولكننا لن نهمل فيها ما يتعلق بموضوعنا، إذا اننا سنعمد إلى طرح السؤال الذي يعنينا هنا محاولين الإجابة عنه في مقاربة مباشرة لا تهتم باي إسقاطات ذاتية كانت أم خارجية والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل كان اعتداد مهيار بنسبه الفارسي يندرج في إطار الحركة المناهضة للعرب أو أنه كان موقفا أملته معطيات مرحلة تاريخية كان لمهيار رؤيته المميزة لقضاياها ومسائلها؟ وهل كانت هذه الرؤية المميزة منبثقة من رؤية شاملة للكون والعالم؟ وما هي طبيعة هذه الرؤية الشاملة ليس من شك في أن مهيار يذكر ماضي قومه ومجدهم ويذكر بذلك ويعلنه ففضلا عما أثبتناه له قبل قليل، نثبت هنا مثالا آخر، وهو قوله:
... من بها ليل أنبتوا ريشة الأرض، وربوا عظامها والجلدا، ... بين جم وسابور أقيال *، يعدون مولد الدهر عدا، والملفت أن ذكر مهيار لأمجاد قومه والتذكير به يندرج في إطار التأكيد أن نسبه هذا لا يخفضه كما مر بنا آنفا، وكأنه يرد على من ينتقصه ويزري به بسبب من هذا النسب، والملفت أيضا في موقف مهيار أنه يتجاوز هذا التذكير الدفاعي سريعا لينظر إلى التاريخ: الفارسي والعربي والاسلامي أيضا نظرة تقويمية فيشيد بما يراه جيدا ويتبناه وفق فهمه لأحداث التاريخ ومجرى الحياة. إنه يذكر للفرس فضائلهم، ومنها، على سبيل المثال، العدل وحسن التنظيم، فيقول:
سير العدل في مآثرهم تروى * وحسن التدبير عنهم يؤدى وقد مر بنا إعجابه بالعديد من فضائل العرب كالوفاء وحسن الجوار ورفض الظلم والاباء ونورد هنا، على سبيل المثال، تقديره مشاعر العرب الإنسانية وصدق حنينهم فيقول:
وحننت نحوك حنة عربية * عيبت، وتعذر ناقة إن حنت ويبدو مهيار، في موقفه هذا، إنسانا متجردا عن الأهواء الشعوبية يطل على العالم وينظر إلى قضاياه ومسائله ويتأملها ويعلن ما يراه حقا ومصيبا وفق أسس تحدد انتماءه الحقيقي فلنحاول أن نتعرف إلى هذه الأسس مثبتين بعض الأمثلة الدالة.
يقرأ التاريخ الفارسي، ويتوقف عند صفحات منه ينتصر فيها الحق ويرغم المظلوم أنف الظالم، فمن جدوده:
من فرس الباطل بالحق ومن أرغم للمظلوم أنف الظالم ويقرأ التاريخ العربي، ويشيد بفضائل فيه مشرقة ولكنه ينخرط كليا في بهاء الفجر الذي أشرق وأبان نهج السبيل وحدد دروب العيش:
- ما برحت مظلمة دنياكم * حتى أضاء كوكب في هاشم - أبان الله نهج السبيل * ببعثته وأرانا الغيوبا هنا، تتحدد هوية مهيار الحقيقية، انه ينتمي إلى هؤلاء الذين فرج الله بهم الضيق فكشفوا اللبس، وحملوا الناس على الصراط " وحطموا " ود " و " هبل " وأيقظوا للرشد أبصار القلوب. وتتجلى هوية مهيار في موقف لا يدع مجالا للشك، إذ انه ينتمي للفتية الذين داسوا تيجان ملوك قومه وحطموا عروشهم ولعبوا بجماجمهم كي يبنوا للانسان عالما جديدا أبان الله نهجه ببعثه خاتم الأنبياء والرسل، ولنقرأ بعض ما يقول في هذا الصدد:
ديست من الشرك بهم جماجم * ترابها من عزه لم يدس ساروا بتيجان الملوك عندنا * معقودة على الرماح الدعس إن هؤلاء الذين داسوا جماجم ملوك قومه وحطموا تيجانهم، كما حطموا " ود " و " هبل " هم الذين فكوا أسره وأعطوه قيمته الانسانية، وهم قومه وإليهم ينتمي:
وفك من الشرك أسرك وكان * غلا على منكبي مقفلا إن أسس رؤية مهيار هي مبادئ الاسلام، ولهذا لم تعد التيجان " الكسروية " تعنيه إن ديست، كما أنه صار يطمح إلى تحقيق نظام اسلامي ويريد ذلك رافضا النظام " الكسروي " و " الأردشيري " وكل نظام يقوم على شاكلته في هذا الإطار من الرؤية ينبغي أن ننظر إلى مواقف مهيار ويحق لنا أن نسأل كل مجادل، أنطلب من رجل يرفض أنظمة قومه لأنها ذات طبيعة معينة أن يقبل أنظمة أخرى ذات طبيعة مشابهة لقوم آخرين ثم نسأل: أيحق لنا إن رأيناه يرفض مثل هذه الأنظمة أن نعده مناهضا للعرب وشعوبيا؟
يقول مهيار، بعد مقدمة وجدانية وعرض تاريخي، متحدثا عن طبيعة الحكم في الاسلام منتهيا إلى رفض نظام معين لأنه ذو طبيعة لا تنتمي إلى الاسلام وإنما إلى مبادئ ومفاهيم مغايرة سماها " أردشيرية " - وقلبها " أردشيرية " * فخرق فيها بما أشعلا - وردها عجما " كسروية " * يضاع فيها الدين حفظا للدول إن لمهيار هنا منطلقاته ومقاييسه التي تختلف عن منطلقات الآخرين ومقاييسهم فهو يجد هذا الحكم ذا الطبيعة الخاصة شبيها بالنظام " الكسروي ". وهو يرفضهما معا داعيا إلى نظام اسلامي عادل تسود فيه
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 5
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 10
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 12
4 أحمد بن منير الطرابلسي 15
5 إسماعيل الصفوي 18
6 أفضل الدين الكاشاني 19
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 21
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 22
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 23
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 24
11 جعفر همدر 25
12 جواد علوش - جون 28
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 30
14 حسين القزويني 35
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 36
16 حسن البحراني 40
17 الحسين بن نما الحلي 41
18 حيدر الآملي 42
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 43
20 الخليل الفراهيدي 46
21 خليل مغنية 47
22 خليل ياسين 48
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 50
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 51
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 52
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 53
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 56
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 58
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 59
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 60
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 61
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 62
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 64
34 عارف الحر 79
35 عباس اقبال 80
36 عباس أبو الحسن 81
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 82
38 عباس الهمداني 83
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 84
40 عبد الحسين نور الدين 85
41 عبد الرؤوف الأمين 86
42 عبد الرضا صادق 89
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 91
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 97
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 100
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 101
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 102
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 103
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 106
50 عبد المطلب الأمين 107
51 عبد المهدي مطر 112
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 115
53 علي رضا عباسي 117
54 علي أكبر دهخدا 119
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 121
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 124
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 125
58 علي بن الحسن شميم الحلي 126
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 127
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 128
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 129
62 فؤاد عباس 148
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 149
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 154
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 155
66 لطف الله العاملي 160
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 162
68 مجيد العطار 163
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 164
70 محمد أبو النديم 174
71 محمد بن إدريس الحلي 178
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 179
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 180
74 محمد الغفاري كمال الملك 181
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 183
76 محمد تقي بهار 184
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 185
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 186
79 محمد حسن الحكيم 187
80 محمد أبو جعفر الطوسي 188
81 محمد تقي الآملي 199
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 200
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 204
84 محمد الشويكي 205
85 محمد شرارة 206
86 محمد حسين الشهرستاني 210
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 211
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 212
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 213
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 218
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 219
92 محمد علي اليعقوبي 221
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 222
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 223
95 محمد المقدادي القمي 225
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 228
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 237
98 محمد هاشم الأشكوري 240
99 محمد بن هاني الأندلسي 241
100 محمد يوسف مقلد 243
101 محمد بن المبارك الكرخي 244
102 محمد مهدي البصير 245
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 246
104 محمود الحمصي 249
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 250
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 252
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 253
108 موسى الزين شرارة 268
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 270
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 271
111 نصير الدين ناصر العلوكي 272
112 ناصيف النصار 274
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 280
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 283
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 284
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 285
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 286
118 يحيى بن البطريق 289
119 يعقوب بن داود 290
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 291
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 296
122 الحجاج بن يوسف 299
123 كلمة الختام 301