مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ٢٥٨
" الأسوة "، معلنا انتماءه للساعين إلى إقامة مثل هذا النظام مهما كلفه هذا الأمر من مشاق ومتاعب وتضحيات، فيقول مخاطبا الإمام العادل:
ثم قسمت بالسواء بينهم * فعظم الخطب عليهم وثقل عاديت فيك الناس لم أحفل بهم * حتى رموني عن يد إلا الأمل ولو يشق البحر ثم يلتقي * فلقاه فوقي في هواك لم أبل ويعود مهيار، في موقفه هذا، إلى مبادئ الاسلام فيختار شعارا له: " الله أعلى في الورى ".
... فيقول:
يستشعرون " الله أعلى في الورى " * وغيرهم شعاره " اعل هبل " مشيرا إلى قول أبي سفيان، في يوم أحد: " أعل هبل " الذي سمعه النبي فامر عمر بن الخطاب بأن يجيبه فيقول: " الله أعلى وأجل ".
ويبدو أن انتماء مهيار الصادق للاسلام هو الذي يحدد مفاهيمه ومواقفه ويوجه سلوكه. وفي سبيل استكمال الإجابة عن سؤالنا الذي طرحناه آنفا سنحاول تلمس مفهومه للقرابة وأسسه لإقامة العلاقات الانسانية إن مفهوم مهيار للقرابة واضح، وهو يتجلى في العديد من قصائده ولعلنا لا نجانب الصواب عندما نقول أنه ينطلق مما يفيده هذا البيت:
وود " سلمان " أعطاه قرابته * يوما، ولم تغن قربى عن " أبي لهب " ليؤكد:
أحببتكم، وبعد بين دوحتنا * فكنت بالحب أي مقترب فما سرني في الحق أني مع العدا * ولا عاب أني في المحال على أبي خلقت رقيق القلب صعبا تقلبي * أرى لبعيد ما أرى لقريب أخي في الود فوق أخي النسيب * وخلى دون كل هوى حبيبي ومولاي البعيد يقول خيرا * قريب قبل مولاي القريب وليبني سلوكه على أسس تنطلق من مفاهيم الحب والحق والخير والتجرد في الرؤية والحكم فيقول:...
ورب أخ قصي العرق فيه * سلو عن أخيك في الولاد فلا تغررك ألسنة رطاب * بطائنهن أكباد صوادي وعش إما قرين أخ وفي * أمين الغيب أو عيش الوحاد وهكذا يبدو واضحا أن مهيار بن مرزويه الديلمي تخلى عن انتماءاته العرقية والوطنية والإقليمية واختار هوية له تتمثل في الاسلام سالكا في الحياة وفق الطرق التي تحددها ناظرا إلى الدنيا بمنظارها راجيا من الله أن يثيبه على ذلك:
وإن أك من " كسرى " وأنت لغيره * فإني في حب " الوصي " نسيب ومهما يثبك الشعر شكرا مخلدا * عليها، فإن الله قبل يثيب 6 - مسألة خلافية وفي تفصيل لقضية الانتماء التي وصلنا فيها إلى إجابة نعتقدها مصيبة تلفتنا مسألة تعلنها عبارة " حب الوصي نسيب " إذ أن هذه العبارة تشير إلى أن مهيار كان يقف إلى جانب اتجاه في الإسلام كان يرى أنه المحق، وذلك انطلاقا من رؤيته الشاملة إلى العالم، وبخاصة في ما يتعلق بطبيعة الحكم وبنية النظام وتنظيم العلاقات الإنسانية...
إن تطرقنا إلى هذه المسألة يندرج في إطار مقاربتنا التي قلنا إنها ستكون مباشرة، كما أنه يبدو ضروريا لفهم موقف قيل لمهيار بسببه انه انتقل في النار من زاوية إلى زاوية. وإن يكن في تطرقنا إثارة لمسألة خلافية في وقت نحن فيه بأمس الحاجة إلى الوحدة، فان اغفالنا لا يلغي الخلاف وقد يكون في النظر الموضوعي الهادئ قدر كبير من الجدوى على صعيد فهم طبيعة الخلاف وحدوده، الأمر الذي يلغي تأثيره على المستويات الأخرى.
يقرأ مهيار التاريخ الاسلامي على ضوء فهمه لمبادئ الاسلام المأخوذة في مصدريه: الكتاب والسنة، ويتخذ موقفا، مستندا إلى حجج يبسطها في عدة قصائد طويلة يمدح بها أهل البيت. وحججه تتمثل في ثلاث: حجة نقية تقول إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوصى للأمام علي عليه السلام من بعده بالخلافة وحجة عقلية جدلية تناقش أسس قريش في اختيارها من اختارت للخلافة وحجة مبدئية تتعلق بالكفاءة وطبيعة النظام ومفهوم الحكم من جنب علاقته بالله وبعبيده. وهذا كله سوف نلم به من خلال عرضنا لنموذجين من قصائد مهيار عرضا موجزا، على سبيل المثال.
يبدأ مهيار قصيدته، على عادته، بمقدمة وجدانية تمهد للموضوع وترسم إطاره وتكون مناخه، ثم يذكر مناقب أهل البيت ويجادل قريشا في مواقفها طالبا منها أن تقر بنعمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم المرشد وأن تتبع سننه:...
وقل: ما لكم بعد طول الضلال * لم تشكروا نعمة المرشد أتاكم على فترة فاستقام * بكم جائرين عن المقصد وولى حميدا إلى ربه * ومن سن ما سنه يحمد وقد جعل الأمر من بعده * لحيدر بالخبر المسند وسماه مولى باقرار من * لو اتبع الحق لم يجحد ثم يناقش قريشا ادعاءها أن ذلك كان عن اجماع المسلمين، وينتهي إلى القول أنه لم يكن اجماعا، ثم يشيد بموقف الإمام علي الذي صبر من أجل انتصار الاسلام، ولكن ما حدث في ما بعد كان كما يرى:
أرى الدين عن بعد يوم الحسين * عليلا له الموت بالمرصد وينتهي به هذا العرض وهذا النقاش إلى إعلان موقف طالب في مطلع القصيدة أن يتخذ، وهو الايمان بالحق والاقرار بالفضل وتأييد ذلك:
وفيكم ودادي وديني معا * وإن كان في فارس مولدي خصمت ضلالي بكم فاهتديت * ولولاكم لم أكن أهتدي وجردتموني وقد كنت في * يد الشرك كالصارم المغمد ولا زال شعري من نائح * ينقل فيكم إلى منشد وما فاتني نصركم باللسان * إذا فاتني نصركم باليد وفي قصيدة ثانية، يبدأ مهيار بمقدمة وجدانية نحس فيها أسى وحزنا عميقين ويسيطر عليها الاحساس بحق مضاع، ينتقل بعدها إلى مناقشة موضوعه فيعرض للواقع:
هذي قضايا رسول الله مهملة * غدرا، وشمل رسول الله منصدع...
وآله، وهم آل الاله، وهم * رعاة ذا الدين ضيموا بعده ورعوا ميثاقه فيهم ملقى، وأمته مع من بغاهم وعاداهم له شيع ثم يعود إلى التاريخ فيعرض احداثه ويتوقف إزاء بيعة يوم الغدير " التي ضاعت
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 5
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 10
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 12
4 أحمد بن منير الطرابلسي 15
5 إسماعيل الصفوي 18
6 أفضل الدين الكاشاني 19
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 21
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 22
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 23
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 24
11 جعفر همدر 25
12 جواد علوش - جون 28
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 30
14 حسين القزويني 35
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 36
16 حسن البحراني 40
17 الحسين بن نما الحلي 41
18 حيدر الآملي 42
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 43
20 الخليل الفراهيدي 46
21 خليل مغنية 47
22 خليل ياسين 48
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 50
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 51
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 52
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 53
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 56
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 58
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 59
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 60
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 61
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 62
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 64
34 عارف الحر 79
35 عباس اقبال 80
36 عباس أبو الحسن 81
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 82
38 عباس الهمداني 83
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 84
40 عبد الحسين نور الدين 85
41 عبد الرؤوف الأمين 86
42 عبد الرضا صادق 89
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 91
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 97
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 100
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 101
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 102
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 103
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 106
50 عبد المطلب الأمين 107
51 عبد المهدي مطر 112
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 115
53 علي رضا عباسي 117
54 علي أكبر دهخدا 119
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 121
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 124
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 125
58 علي بن الحسن شميم الحلي 126
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 127
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 128
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 129
62 فؤاد عباس 148
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 149
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 154
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 155
66 لطف الله العاملي 160
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 162
68 مجيد العطار 163
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 164
70 محمد أبو النديم 174
71 محمد بن إدريس الحلي 178
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 179
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 180
74 محمد الغفاري كمال الملك 181
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 183
76 محمد تقي بهار 184
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 185
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 186
79 محمد حسن الحكيم 187
80 محمد أبو جعفر الطوسي 188
81 محمد تقي الآملي 199
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 200
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 204
84 محمد الشويكي 205
85 محمد شرارة 206
86 محمد حسين الشهرستاني 210
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 211
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 212
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 213
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 218
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 219
92 محمد علي اليعقوبي 221
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 222
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 223
95 محمد المقدادي القمي 225
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 228
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 237
98 محمد هاشم الأشكوري 240
99 محمد بن هاني الأندلسي 241
100 محمد يوسف مقلد 243
101 محمد بن المبارك الكرخي 244
102 محمد مهدي البصير 245
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 246
104 محمود الحمصي 249
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 250
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 252
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 253
108 موسى الزين شرارة 268
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 270
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 271
111 نصير الدين ناصر العلوكي 272
112 ناصيف النصار 274
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 280
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 283
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 284
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 285
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 286
118 يحيى بن البطريق 289
119 يعقوب بن داود 290
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 291
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 296
122 الحجاج بن يوسف 299
123 كلمة الختام 301