أخلق بها مطرودة من بعده * تشكو على قرب الحياض أوامها لمن الجياد مع الصباح مغارة * تنضي الظلام وما نضى أجسامها؟
صبغ السواد - ولم تكن مسبوقة - * أعرافها ظلما وعم لمامها من كل ماشية الهوينا أنكرت * شقاتها واستغربت إحجامها جرداء تسال ظهرها عن سرجها * وتجر حبلا لا يكون لجامها بكر النعي من الرضي بمالك * غاياتها متعود إقدامها كلح الصباح بموته من ليلة * نفضت على وجه الصباح ظلامها صدع الحمام صفاة آل محمد * صدع الرداء به وحل نظامها بالفارس العلوي شق غبارها * والناطق العربي شق كلامها سلب العشيرة يومه مصباحها * ورمى الردى عمالها علامها برهان حجتها الذي بهرت به * أعداءها وتقدمت أعمامها دبرتها كهلا وسدت كهولها * ترضي النفوس وكنت بعد غلامها النص مروي وكنت دلالة مشهورة لما نصبت إمامها قدمت فضلتها وجئت فبرزت * سبقا خطى لك أحرزت إقدامها كم رضت بالارفاق نخوة عزها * والعسف حتى جمعت أحلامها ولقد تكون مع الفظاظة رحمة * وعلى جفائك واصلا أرحامها قودتها للحق إذ هي ناشط * لا تستطيع يد الزمان خطامها حتى تصالحت القلوب هوى على * إعظامها وتصافحت إجرامها فلئن مضى بعلاك دهر صانها * فلقد أتى برداك يوم ضامها يوم إذا الأيام كن سوانحا * بالصالحات وعد فيها شامها من حط هضبتك المنيفة بعد ما * عيي الزمان فما استطاع زحامها؟
ورقى إباءك فاستجاب بسحره * صماء لم تعط الرقى أفهامها فض الحمام إليك حلقة هيبة * ما خلت حادثة تفض ختامها واستعجلتك يد المنون بحثها * قبل السنين وما أطلعت تمامها أفلا تطاعن دون مبلغك الردى * خيل أطلت لحاجة إلجامها؟
وتقوم حولك سمحة بنفوسها * عصب على العوجاء كنت قوامها وبلى وقتك! لو أن قرنك يتقي * ما خلفها طعنا وما قدامها ولعرضت في الذب دونك أوجها * للضرب أكثرت السيوف لطامها تلقى الحديد بمثله من صبرها * فتخال من أدراعها أجسامها ما ضرها لما ضفت أعراضها * جننا لها أن لم تسربل لامها تحميك منها كل نفس مرة يحلو فداءك أن تذوق حمامها لكن أصابك عائر من مخلس، * لا تضبط الحدق الحسان سهامها وصلت بلا إذن وأنت محجب * وقضت عليك فلم تفت أحكامها سفرت بك الأخبار حين سألتها * دردا فليتني استطلت لثامها ورأيت ساعتك التي فجئت فخلت * الساعة اقتربت بها وقيامها حل الملوك لك الحبى وتسلبت * قمم عمائمها استنبن كمامها تستاف تربك تشتفي بشميمه * من داء فقدك وهو جر سقامها ومشت على رمض الهجير أخامص * ربت النعيم فما شكت أقدامها أبكيك للدنيا التي طلقتها * وقد اصطفتك شبابها وعرامها ورميت غاربها بفضلة [معرض] * زهدا وقد ألقت إليك زمامها والأرض كنت على قفارة ظهرها * علما إذا كتم الدجى أعلامها ولدتك ثم تحولت لك في أخ * وعلى بنيها الكثر كنت عقامها ولقولة عوصاء ارتج بابها * ففتحته لما ولجت خصامها وقلائد قذفت بحارك درها * وقضى لسانك رصفها ونظامها هي آية العرب التي انفردت بها * راعيت فيها عهدها وذمامها كم معجز منها ظهرت بفضله * سير الرجال فلم تجد أفهامها وغريبة مسحت يداك مؤانسا * منها النفور ومفصحا إعجامها حمست حتى قيل: صب دماءها * وغزلت حتى قيل: صب مدامها ماتت بموتك غير ما خلدته * في الصحف إذ أمددته أقلامها قد كنت ترضاني إذا سومتها * تبعا وأرضى أن تسير أمامها وإذا سمعت حمدت صفوى وحده * وذممت غش القائلين وذمامها فتركتني ترك اليمين شمالها * فردا أعالج فاتلا إبرامها حيران أسال: أين منك رفادتي، * دهش البنان تفقدت إبهامها لا سامع يصغي ولا ذو قولة * أصغي له، يا وحدتي ودوامها!
فبرغم أنفي أن أبثك لوعتي * والأرض قد بثت عليك رغامها وأبى الوفاء - إذا الرجال تحرجت * حنث اليمين - فحللت أقسامها، لأساهرن الليل بعدك حسرة * إن ليلة عابت حزينا نامها ولأشرجن عن العذول على الأسى * أذنا محرمة على من لامها ولأبدلن الصبر عنك بقرحة * في الصدر لا يجد الدواء لحامها أبكي لأطفئها وأعلم أنني * بالدمع محتطب أشب ضرامها عصر الغمام ثراك ثم سقى به * أرضا تظلم مذ فقدت غمامها بك أو بجدك أو أبيك نغاث في * السقيا إذا الشهباء خفنا عامها فسواك لو كان المقيم بحفرة * يبس لقلت: سقى السحاب رمامها قال وقد رثى الشريف الرضي بالقصيدة الميمية، وشقت على جماعة ممن كان يحسد الرضي بالفضل في حياته أن يرثى بمثلها في وفاته، ونسبه قوم إلى السرف فيما أدعى له ولنفسه من اللحاق به وشدة الأنس معه، حبا لأن تضاف بعض المحاسن إليهم، وطعنوا في غرضه من الإقرار بالتوحيد، وتكلموا في ذاك، وكان فيهم من رثاه بما ظاهره التأسي، وباطنه الشماتة، بشعر لا يسر سامعا، ولا يملك فهما، فأسف لمكان قصوره عما كان يجب أن يقدر على قوله، وعمل هذه القصيدة يرثيه، ويلوح بذكرهم، ويزيد في غيظهم:
أقريش، لا لفم أراك ولا يد * فتواكلي، غاض الندى وخلا الندي حولست، فالتفتي باوقص، واسألي * من بز ظهرك، وانظري من أرمد وهبي الذحول فلست رائد حاجة * تقضى بمطرور ولا بمهند خلاك ذو الحسبين أنقاضا متى * تجذب على حبل المذلة تنقد قمر الدنا أضحت سماؤك بعده * أرضا تداس بحائر وبمهتدى فإذا تشادقت الخصوم فلجلجي * وإذا تصادمت الكماة فعردي يا ناشد الحسنات طوف فاليا * عنها وعاد كأنه لم ينشد اهبط إلى مضر فسل حمراءها * من صاح بالبطحاء يا نار اخمدي؟
بكر النعي فقال: أردي خيرها، * إن كان يصدق فالرضي هو الردى عادت أراكة هاشم من بعده * خورا لفاس الحاطب المتوقد فجعت بمعجز آية مشهودة * ولرب آيات لها لم تشهد كانت إذا هي في الإمامة نوزعت ثم ادعت بك حقها لم تجحد رضي الموافق و المخالف رغبة * بك واقتدى الغاوي برأي المرشد ما أحرزت قصباتها وتراهنت * إلا ظهرت بفضلة من سؤدد