مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ٢٥٤
يثيرونها، وذلك لأن هذا الصنيع يتيح لنا أن نكون موضوعيين ومقدرين لأصحاب الفضل فضلهم في آن.
نقرأ، في كتب الأدب، ما يفيد أن " الشاعر المشهور " أبا الحسين مهيار بن مرزويه، الكاتب الفارسي الديلمي، كان مجوسيا فاسلم سنة 394 ه‍ على يد الشريف الرضي، كما أن هذه الكتب تصفه بقولها: " كان شاعرا جزل القول مقدما على أهل وقته " وله ديوان شعر كبير، وهو رقيق الحاشية طويل النفس في قصائد... توفي سنة 428 ه‍.
في ما قرأناه تعريف موجز بالشاعر وشئ من ثناء، غير أن بعض مؤرخي الأدب يورد ما يثير مسائل على درجة من الأهمية جعلت بعضهم يقول مخاطبا الشاعر: يا مهيار، انتقلت باسلامك، في النار، من زاوية إلى زاوية ".
قد نجد، في هذا القول، ما يلخص رؤية معينة إلى مهيار وشعره كنا قد أشرنا إليها قبل قليل. وفي ما يلي، سوف نسعى إلى تبين مدى صحة هذه الرؤية، وذلك في إطار المسائل الكثيرة التي تثيرها قراءة ديوان هذا الشاعر قراءة منصفة.
2 - منابع الرؤية وتوجهها نلحظ، في قصائد مهيار، ميزة يتصف بها كل شعر يتخذ الصور وسيلة وفنية الأسلوب أداة، وقد رأى القدماء هذه الميزة وعبروا عنها بأسلوبهم، فقال أبو الحسين الباخرزي في دمية القصر: " هو شاعر له في مناسك الفضل مشاعر، وكاتب تحت كل كلمة من كلماته كاعب، وما في قصائده بيت يتحكم عليك بلو وليت، وهي مصبوبة في قوالب القلوب وبمثلها يعتذر المذنب عن الذنوب ".
نتجاوز عن سجع أبي الحسن ونتوقف عندما نفهمه من هذا القول، وبخاصة تركيزه على ما تتصف به الألفاظ من صفات تجعلها شبيهة بالعذارى الجميلات وما تتميز به القصائد من ميزات تجعلها تعبر عما في القلوب وكأنها مصبوبة فيها.
ثمة سببان، يجعلاننا لا نعجب من وصول مهيار إلى مثل هذه المرتبة من مراتب الابداع في لغة ليست لغته الأولى يعود السبب الأول، في تقديرنا، إلى تتلمذ هذا الشاعر على الشريف الرضي، ويتمثل السبب الثاني في اطلاعه الوافي على الشعر والتاريخ العربيين وفي فهمه لأسرار اللغة العربية وتعمقه في ذلك كله وهذا ما نلمسه في الديوان من خلال إشارات دالة. فالملاحظ أنه كثيرا ما يضمن شعره إشارات إلى فحول الشعر العربي وإلى حوادث من التاريخ العربي والاسلامي، ففي إحدى قصائده، على سبيل المثال، يرى أن الشعر لم ينبح " الغريب المقرح " و " مستنزل النعمان عن سطوته " كما أن الردى لم يخضع لنسيب " عروة " ولم نعط قيسا " مناه " وفي قصيدة أخرى يشير إلى استشراء الهجاء في العصر الأموي عندما يقول:
بهذا الحكم حين تحالباها * نقائض حاز زبدتها جرير كما وأننا نلمس، في الديوان، إشارات إلى التاريخ العربي نذكر منها، على سبيل المثال:
لئن كانت الزباء عزا ومنعة * فأنت لها من غير جدع قصيرها ونقرأ له أيضا:
حديث لو تلوه على زهير * غدا من مدحه هرما يتوب فأردي كليب لحفظ الجوار * ورعي الذمار وصون الحريم وللخوف في قومه أن يضام *، مات ابن حجر قتيل الكلوم وخاطر حاجب في قوسه * فخلفها شرفا في تميم نكتفي بهذه الأمثلة التي تدل على أن مهيار كان على قدر كبير من المعرفة بالتراث العربي: تاريخا وشعرا ولغة، كما أن هذه الأمثلة تدل، من جهة ثانية، على طبيعته: شخصية ورؤية إذ أنه سمى النابغة " مستنزل النعمان عن سطوته "، ورد أسباب قتل كليب إلى " حفظ الجوار ورعي الذمار وصون الحريم " وأعاد أسباب مغامرة امرئ القيس التي أدت إلى موته غريبا مقرحا " للخوف في قومه أن يضام " كما أنه سمى صنيع حاجب الذي رهن قوسه عند كسرى ووفى بذلك شرفا يتوارثه الأبناء عن الأجداد، إن في اختيار هذه الأحداث واستخدامها إشارات دالة موحية وتوظيفها في سياق معين دلالات عديدة أهمها اتساع ثقافة الشاعر وعمقها وملكة رؤية خاصة تنظر إلى التاريخ محاولة فهمه واستخلاص الدروس والعبر منه، بغية الإفادة منه في فهم الحاضر والكشف عن الواقع والتأثير في توجهه.
يقرأ مهيار التاريخ ويرقب الحاضر ويحياه، ترتسم حركة التاريخ أمامه وتنكشف علاقات الواقع أمام عينه الثالثة، وتتكون لديه تجربة عميقة يختلط فيها وعي العقل وحدس الشعر ويعبر عن تجربته معادلا شعريا لها يحمل رؤية خاصة أشرنا إلى بعض منابعها وإلى توجهها العام وسنحاول في ما يلي أن نلمس أهم عناصرها المكونة.
3 - معنى الحياة وقيمة الإنسان يعتقد مهيار أن الحياة عبارة عن رحلة يحث فيها الإنسان الخطى مطاردا من الدهر ويرى أن لهذه الرحلة نهاية حتمية هي الموت، أو لعله يرى أنها رحلة باتجاه الموت وأثناء الرحلة ينشب صراع مع الدهر وطالما كان الأمر على هذه الصورة فلتكن هذه الرحلة في سبيل هدف أسمى وليكن الإنسان فيها صانعا مجده محققا ذاته مهما كلف ذلك من مخاطر ولنقرأ بعض ما يقوله في هذا الصدد:
باتت تخوفني الأخطار مشفقة * ترى الإقامة حزما والنوى غلطا وهل رأيت الذي نجاه مجثمه * بعقوة الدار، أو أرداه إن شحطا وما نحن إلا قطين الموت يعسف * بالواني ويلحق بالسلاف من فرطا وطول أيامنا، والدهر يطلبنا * مراحل تنتهي اعدادها وخطى ويدعوه هذا الاعتقاد إلى تحديد غايته من الحياة وجعل موضوع الصراع مع الدهر " مرمى العز " وإلا فأهلا بالموت، وليس من مرتبة وسط، كما يقول:
... وقم بنا نطلبها عالية * إما لمرمى العز أو للمرمس ويتخذ الصراع بعدا انسانيا عاما، فهو لا يصارع أياما بعينها وإنما يجالد " الدهر " بما يعنيه من امتداد للزمان والمكان ومجرى الحياة فيهما وهذا الصراع الذي يخوضه الإنسان ليس مع الطبيعة وحدها أو مع أحداث الحياة فترة معينة فحسب، وإنما مع الدهر في معناه العام ينطلق من أن للانسان جوهرا ينبغي أن يتحقق، وعلى كل انسان أن يصنع مصيره ويجسد حقيقته وإلا فقد معناه وقيمته وغدا شيئا آخر، ولنسمعه يعلن هذه الحقيقة متخذا السيف والليث مثالين على ذلك:
فالسيف ما لم يمض قدما زبرة * والليث كلب البيت ما لم يفرس
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 5
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 10
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 12
4 أحمد بن منير الطرابلسي 15
5 إسماعيل الصفوي 18
6 أفضل الدين الكاشاني 19
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 21
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 22
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 23
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 24
11 جعفر همدر 25
12 جواد علوش - جون 28
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 30
14 حسين القزويني 35
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 36
16 حسن البحراني 40
17 الحسين بن نما الحلي 41
18 حيدر الآملي 42
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 43
20 الخليل الفراهيدي 46
21 خليل مغنية 47
22 خليل ياسين 48
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 50
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 51
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 52
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 53
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 56
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 58
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 59
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 60
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 61
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 62
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 64
34 عارف الحر 79
35 عباس اقبال 80
36 عباس أبو الحسن 81
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 82
38 عباس الهمداني 83
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 84
40 عبد الحسين نور الدين 85
41 عبد الرؤوف الأمين 86
42 عبد الرضا صادق 89
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 91
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 97
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 100
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 101
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 102
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 103
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 106
50 عبد المطلب الأمين 107
51 عبد المهدي مطر 112
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 115
53 علي رضا عباسي 117
54 علي أكبر دهخدا 119
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 121
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 124
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 125
58 علي بن الحسن شميم الحلي 126
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 127
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 128
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 129
62 فؤاد عباس 148
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 149
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 154
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 155
66 لطف الله العاملي 160
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 162
68 مجيد العطار 163
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 164
70 محمد أبو النديم 174
71 محمد بن إدريس الحلي 178
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 179
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 180
74 محمد الغفاري كمال الملك 181
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 183
76 محمد تقي بهار 184
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 185
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 186
79 محمد حسن الحكيم 187
80 محمد أبو جعفر الطوسي 188
81 محمد تقي الآملي 199
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 200
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 204
84 محمد الشويكي 205
85 محمد شرارة 206
86 محمد حسين الشهرستاني 210
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 211
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 212
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 213
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 218
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 219
92 محمد علي اليعقوبي 221
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 222
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 223
95 محمد المقدادي القمي 225
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 228
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 237
98 محمد هاشم الأشكوري 240
99 محمد بن هاني الأندلسي 241
100 محمد يوسف مقلد 243
101 محمد بن المبارك الكرخي 244
102 محمد مهدي البصير 245
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 246
104 محمود الحمصي 249
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 250
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 252
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 253
108 موسى الزين شرارة 268
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 270
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 271
111 نصير الدين ناصر العلوكي 272
112 ناصيف النصار 274
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 280
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 283
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 284
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 285
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 286
118 يحيى بن البطريق 289
119 يعقوب بن داود 290
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 291
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 296
122 الحجاج بن يوسف 299
123 كلمة الختام 301