مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ١٢٣
جيش سيف الدولة كان خليطا من عدة شعوب فكان مما قاله صاحب المقال المعترض عليه:
- " أما الصورة الثالثة التي وددت أن أشير إليها من صور المحاربين في تاريخنا فهي صورة جيش الأمير سيف الدولة الحمداني الذي كان يقف رغم صغر امارته على الحدود بين الدولة الاسلامية والدولة البيزنطية وقفة شجاعة، وان كانت تتكئ على جيش يغاير في تركيبه جيش القبائل في الجاهلية، وجيش المسلمين في الفتوح... فقد كان خليطا من أقوام متعددة الجنسيات، في عصر اقطاعي غرق في أسواق الرقيق الذي أفاد منها سيف الدولة، فأنشأ ذلك الجيش الذي يصفه الشاعر المتنبي بقوله:
أتوك يجرون الحديد كأنهم * سروا بجياد ما لهن قوائم خميس بشرق الأرض والغرب زحفه * وفي أذن الجوزاء منه زمازم تجمع فيه كل لسن وأمة * فما يفهم الحداث الا التراجم فرد عليه إبراهيم ونوس بهذه الكلمة وفيها وصف لإحدى معارك سيف الدولة:
والحقيقة التاريخية تخالف هذا القول تماما، فجيش سيف الدولة كان بغالبيته من أبناء أفخاذ بكر بن وائل، عشيرته تغلب، وشيبان وغيرهما، وأبناء القبائل العربية الأخرى التي كانت تسكن بوادي ومدن شمال بلاد الشام، كبني كلاب، وقشير، ونمير، وبلعجلان وتنوخ وغيرهم... وهذه القبائل كانت تسكن المناطق التي تمتد من الموصل، وديار بكر شرقا، إلى أنطاكية واللاذقية غربا، و " من حدود بلاد الشام مع الدولة البيزنطية شمالا، حتى بوادي " سلمية " و " تدمر " و " حسباء " جنوبا... وإذا وجد في جيشه بعض الغلمان والقادة من غير العرب، فهم قلة لا يتجاوزون عدد أصابع اليدين، ذكر لنا التاريخ أسماء بعض منهم " يماك " و " قرعويه " و " نجا "...
والشاعر أبو الطيب المتنبي لم يصف في الأبيات التي أوردها كاتب المقال جيش الأمير سيف الدولة... بل وصف بها جيش الروم الكبير الذي هزمه سيف الدولة شر هزيمة في معركة " الحدث الكبرى " عام 343 ه‍...
والحدث قلعة قديمة على حدود بلاد الشام مع الدولة البيزنطية، خربها وأحرقها القائد البيزنطي " الدمستق فردس فقاس " سنة 237 ه‍. فقرر الأمير سيف الدولة في 17 جمادى الثانية من عام 343 ه‍، احتلالها وإعادة ترميم حصونها وجدرانها، كي يجعل منها قاعدة عسكرية متقدمة لقواته، ويحرم العدو البيزنطي من الاستفادة منها في عملياته الحربية، وفيما كان سيف الدولة منهمكا مع قادته وجيشه وعماله في بناء حصون القلعة تقدم القائد البيزنطي نحو القلعة بجيش عرمرم من اليونان والبلغار والخزر والصقالبة والروس والأرمن، زاد عن خمسين ألفا بين فارس وراجل...
وعندما وصل الجيش البيزنطي إلى أرض المعركة، أعطى القائد أوامره بمحاصرة قلعة الحدث... فتم له هذا.
تم حصار الروم لجيش سيف الدولة في أصيل أحد أيام أواخر جمادى الثانية من عام 343 ه‍، وكان الأمير سيف الدولة قد علم مسبقا ما ذا سوف يفعل القائد الرومي، وقد هيأ نفسه له، فقرر أن يخوض معركته المريعة في صباح اليوم التالي... فأمر وحدات الصدمة الرئيسية في جيشه أن تتهيأ خلال الليل، وعددها حوالي خمسة عشر ألفا بين فارس وراجل، بقيادة ابن عمه الأمير أبي فراس الحمداني ومحمد وهبة الله ابني أخي سيف الدولة، وناصر الدولة أمير مدينة الموصل في تلك المرحلة من التاريخ، " ونجما " غلام سيف الدولة، وأبقى الأمير سيف الدولة خمسة آلاف من خيالة البدو الخفيفة بإمرته لحسم المعركة في الوقت المناسب...
مع بزوغ أول ضوء في سلخ جمادى الثانية، تقدم أبو فراس بقوام جيشه وهاجم جيش الروم بعنف وضراوة، ومن مكان لم يكن يتوقعه القائد البيزنطي، وهو اتجاه حصن من حصون القلعة يسمى " الأحيدب "... دارت معركة رهيبة جدا لم يذكر التاريخ لها مثيلا في تلك الحقبة... أبدى الأمير سيف الدولة حنكة، وفنا قياديا عالي المستوى، وتخطيطا مدهشا، وشجاعة فائقة...
وبعد مرور بضع ساعات على بدء المعركة، والروم يعتقدون أنهم الغالبون، وفي الوقت المناسب الذي خطط له الأمير سيف الدولة... بدأ هجومه السريع بخيالته الخفيفة من فرسان البدو المعروفين بخبراتهم القتالية العالية باتجاه قلب الجيش البيزنطي، وشق طريقه بهم بين صفوف الجيش المعادي، ومعه أبو الطيب المتنبي، حتى وصل إلى مقر قيادة الجيش البيزنطي فلم ير أمامه سوى الفرار والنجاة من سيف الدولة... ففر بسرعة، وترك جيشه طعما لسيوف جنود سيف الدولة... وقبل غروب شمس ذلك اليوم، كان جيش حلب يسيطر سيطرة كاملة على الموقف، بعد إبادة جيش الروم بكامله تقريبا، وقتل في هذه المعركة ابن الدمستق وصهره، وابن عمه، وزوج أخته... وانتشرت جثث عشرات آلاف من القتلى من جيش الروم فوق أرض المعركة... فأهاج هذا المنظر المريع شاعرية أبي الطيب المتنبي، فنظم قصيدته التي يصف فيها المعركة ذات المطلع:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم * وتأتي على قدر الكرام المكارم وأنشدها أمام الأمير سيف الدولة، وجنده المنتصرين، والعمال العرب يبنون آخر شرفة في قلعة الحدث..
وفي هذه القصيدة يصف أبو الطيب الأمير سيف الدولة أثناء المعركة فيقول:
وقفت وما في الموت شك لواقف * كأنك في جفن الردى وهو نائم تمر بك الأبطال كلمى هزيمة * ووجهك وضاح وثغرك باسم ويصف أبو الطيب جيش الروم، و ليس كما ذكر كاتب المقال جيش سيف الدولة... فيقول:
أتوك يجرون الحديد كأنهم * سروا بجياد ما لهن قوائم إذا برقوا لم تعرف البيض منهم * ثيابهم من مثلها، والعمائم خميس بشرق الأرض والغرب زحفه * وفي أذن الجوزاء منه زمازم تجمع فيه كل لسن وأمة * فما تفهم الحداث الا التراجم قال أبو البقاء العكبري في شرحه للبيت الرابع من هذه الأبيات ما يلي:
- " المعنى: جعل الروم يبرقون لكثرة ما عليهم من الحديد، والبريق اللمعان، يفرق بين سيوفهم وبينهم، لأن على رؤسهم البيض والمفاخر، وثيابهم الدروع، فهم كالسيوف، وقد فسره بقوله: " من مثلها "... أي مثل السيوف، يريد من الحديد وأشار بهذا الوصف، أعنى كثرة سلاح هذا الجيش إلى قوته، وبما ذكره عن هذه الهيئة إلى شدته، وسمعت بعضهم، وكان شيخا يقرأ عليه الديوان يقول: أخطأ أبو الطيب، كيف ذكر العمائم، والعمائم
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 5
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 10
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 12
4 أحمد بن منير الطرابلسي 15
5 إسماعيل الصفوي 18
6 أفضل الدين الكاشاني 19
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 21
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 22
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 23
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 24
11 جعفر همدر 25
12 جواد علوش - جون 28
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 30
14 حسين القزويني 35
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 36
16 حسن البحراني 40
17 الحسين بن نما الحلي 41
18 حيدر الآملي 42
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 43
20 الخليل الفراهيدي 46
21 خليل مغنية 47
22 خليل ياسين 48
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 50
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 51
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 52
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 53
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 56
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 58
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 59
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 60
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 61
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 62
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 64
34 عارف الحر 79
35 عباس اقبال 80
36 عباس أبو الحسن 81
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 82
38 عباس الهمداني 83
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 84
40 عبد الحسين نور الدين 85
41 عبد الرؤوف الأمين 86
42 عبد الرضا صادق 89
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 91
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 97
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 100
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 101
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 102
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 103
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 106
50 عبد المطلب الأمين 107
51 عبد المهدي مطر 112
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 115
53 علي رضا عباسي 117
54 علي أكبر دهخدا 119
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 121
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 124
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 125
58 علي بن الحسن شميم الحلي 126
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 127
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 128
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 129
62 فؤاد عباس 148
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 149
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 154
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 155
66 لطف الله العاملي 160
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 162
68 مجيد العطار 163
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 164
70 محمد أبو النديم 174
71 محمد بن إدريس الحلي 178
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 179
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 180
74 محمد الغفاري كمال الملك 181
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 183
76 محمد تقي بهار 184
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 185
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 186
79 محمد حسن الحكيم 187
80 محمد أبو جعفر الطوسي 188
81 محمد تقي الآملي 199
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 200
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 204
84 محمد الشويكي 205
85 محمد شرارة 206
86 محمد حسين الشهرستاني 210
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 211
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 212
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 213
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 218
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 219
92 محمد علي اليعقوبي 221
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 222
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 223
95 محمد المقدادي القمي 225
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 228
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 237
98 محمد هاشم الأشكوري 240
99 محمد بن هاني الأندلسي 241
100 محمد يوسف مقلد 243
101 محمد بن المبارك الكرخي 244
102 محمد مهدي البصير 245
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 246
104 محمود الحمصي 249
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 250
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 252
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 253
108 موسى الزين شرارة 268
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 270
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 271
111 نصير الدين ناصر العلوكي 272
112 ناصيف النصار 274
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 280
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 283
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 284
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 285
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 286
118 يحيى بن البطريق 289
119 يعقوب بن داود 290
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 291
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 296
122 الحجاج بن يوسف 299
123 كلمة الختام 301