لإيقاف الحرب في العالم طرق ثلاث:
1 - اتباع سياسة المقاومة السلبية أو الغاندية أو سياسة الكويترس أي لا تتحرك وليحدث ما يحدث. وليس في العالم اليوم دولة تقبل هذه السياسة حتى ولا الهند نفسها كما صرح نهرو بذلك.
2 - سياسة نزع السلاح وقبول مبدأ التفتيش الكامل للتسلح بما في ذلك الجو المفتوح وهذا مع الأسف الشديد لم يحصل الاتفاق عليه إذ لم تتفق الدول الكبرى بعد على مبدأ التفتيش الكامل أو اتباع سياسة الجو المفتوح للتفتيش بحيث تكون الطمأنينة تامة، وهذا يتطلب بالطبع تفاهما حقيقيا على مبدأ التعايش السلمي والتسليم بإمكانية وجود النظريات السياسية والاجتماعية والاقتصادية المنوعة جنبا إلى جنب بدون أن تطغى إحداها على الأخرى بالقوة. وهذا لم يحدث بعد مع الأسف.
3 - طريقة الاستعداد وتنظيم الدفاع فإذا كان هناك تنظيمات دفاعية واقية فاحتمال مواجهة الخصم تكون أقل بعكس ما إذا عرف الخصم بان هناك نقاط ضعف ينفذ منها ولذلك نظمت الجبهة الشرقية نفسها في ميثاق وارسو ونظمت الجبهة الغريبة نفسها في ميثاق الأطلنطي وغيره من المواثيق.
أما الحياد فليس لدينا أي دليل أنه يضمن السلام، والدول المحايدة كم شاهدنا في الحربين العالمتين السابقتين اكتسحت إذا كانت على الطريق.
ولذلك فإذا دعوت إلى اتخاذ موقف دفاعي إزاء الشيوعية العالمية، فليس معنى ذلك معاداة الدول الشرقية أو الشعوب الشرقية. فمعظم دول العالم اليوم داخلة في تنظيمات كهذه كما أنه لا يعني تقريب العراق من خطر الحرب بل العكس هو الأقوى احتمالا، وليس عندنا أي دليل قاطع بأن نظرية الحياد هي أقرب إلى مرامي السلم، بل العكس هو المحتمل أيضا هذا أمر اجتهادي ولا يمكنني التكهن التام به نحن نرجو أن يكون خطر الحرب بعيدا عن الإنسانية على كل حال ولا نستطيع أن نتصور إنسانا إلا إذا كان مجنونا يتحمل تبعة إشعال نار حرب هي بمثابة انتحار للبشرية كلها ونهاية لمدنية الإنسان. هذا وأرجو أن يكون واضحا بأن سياسة التعاون مع الغرب لم تكن سياسة العراق لوحده بل إنها سياسة أقرتها الجامعة العربية سنة 1950 على ما أتذكر أما أن الجامعة آنذاك اعترفت بضرورة طلب المعونة العسكرية وغيرها أما من الشرق أو من الغرب، وقررت التعاون مع الغرب فحسب علمي أن ذلك القرار لم يتبدل في الجامعة لحد الآن ولما قررت مصر الاستعانة بالجهة الشرقية في أخذ السلاح رحب العراق بذلك وإني دافعت عن ذلك في عدد من خطبي داخل الأمم المتحدة وخارجها. ولكن سياسة مصر هذه لم تقرر في الجامعة العربية إجماعيا بعد وبقيت كل دولة تسير وفق مصالحها وبعض الدول العربية صارت تتعامل مع الشرق والبعض الآخر مع الغرب ولذلك فلا يصح أن يظن أن فاضل الجمالي هو واضع هذه السياسة وإنما أنا من المعتنقين بأن طلب المعونة من أحد الطرفين ضروري. وأن استعانة مصر بالجهة الشرقية وهو عمل مشروع سد عليها الجبهة الغربية إلى حد ما في الوقت الحاضر على الأقل فالنتيجة واحدة أما أن نستعين أما بالشرق أو بالغرب ولذلك فلا يجوز أن يظن بأني أنا الذي سقت العراق نحو المعسكر الغربي وأقصيته عن المعسكر الشرقي.
الدعاية حولي هو أني أسير مع المعسكر الغربي دون قيد أو شرط وهذا غير صحيح كما شهد بذلك الأستاذ الشبيبي قبل أمس إذ طالما تحدثنا بأن سيرنا مع الغرب يجب أن يكون مقرونا بشروط تضمن بها مصالحنا القومية. هذا وأني لأنفي ما يشيعه عني المغرضون بأني أستوحي سياستي من جهات أجنبية.
والحقيقة هي أني استوحيت سياستي من تاريخ العراق الحديث وموقعه الستراتيجي وظروفه السياسية آنذاك فظروف العراق السياسية لم تكن ثورية كما هو الحال ولم تنح منحى الحياد الإيجابي.
ولا يجوز أن ننسى أن هم السياسة المسؤولين الأول كان لعهد قريب إنهاء المعاهدة العراقية - البريطانية وخروج الإنكليز من مطاري الحبانية والشعبية.
أما ميثاق بغداد فجاء وسيلة للتخلص من معاهدة جديدة ثنائية بين بريطانيا والعراق. فمصر حين وقعت اتفاقية الجلاء وقعت تعهدا ثنائيا تسمح به للإنكليز بالعودة للقنال إذا هوجم بلد عربي أو هوجمت تركيا. ثم ألغت مصر هذا الاتفاق بعد العدوان المثلث الغاشم.
إن الساسة العراقيين فضلو أن لا تكون بينهم وبين الإنكليز معاهدة ثنائية فاستعانوا بميثاق بغداد، أما دخول المواثيق أو عدمه هذه المسألة اجتهادية في الساسة الدولية، ينقسم فيها الساسة إلى قسمين القسم الأكبر وهم يشكلون معظم دول العالم قد دخلوا في مواثيق كما في وارشو والكتلة الشرقية والبلقان ودول شرقي آسيا وبغداد وحلف القارة الأمريكية. والقسم الأقل يدعو إلى الحياد الإيجابي منهم الهند ويوغسلافيا والجمهورية العربية المتحدة وبورما وأفغانستان. ويجب أن نقرر هنا بأن نفوذ الأحلاف يجب أن يكون دوما أمرا دفاعيا لا عدائيا ولذلك فالعلاقات صاحبة الأطراف المختلفة يجب أن تكون طبيعية سواء كانت في الشرق أو الغرب وليس من الصحيح من يرى صحة المواثيق أو الأحلاف خائنا أنه قد قد يكون مخطئا فالأمر كما أشار الأستاذ الشبيبي في شهادته أمر اجتهادي.
اجتهدنا فيما مضى بسياسة المواثيق عن قناعة واليوم وقد اختار العراق سياسة الحياد الإيجابي فنرجو له التوفيق في سياسته الجديدة.
وبهذه المناسبة أود أن أبدي للمحكمة الجليلة بأني لم أكن من عاقدي ميثاق بغداد ولا من الموقعين كما سبق أن أشار سيادة المدعي العام ولم أكن في المسؤولية حين عقد بل كل ما هنالك أني أيدت الميثاق كما أيده الكثير من أعضاء مجلس الأمة.
الحكم حكمت محكمة المهداوي على الجمالي بما يلي:
1 - بالإعدام شنقا حتى الموت.
2 - بالأشغال الشاقة المؤبدة.
3 - أيضا بالأشغال الشاقة المؤبدة.
4 - بالأشغال الشاقة الموقتة.
5 - أيضا بالأشغال الشاقة الموقتة.
6 - تنفذ عليه هذه الأحكام بالتداخل.
معاهدة بورتسموت أشار المترجم خلال دفاعه إلى معاهدة بورتسموث وكره وزير خارجية بريطانيا يومذاك (أرنست بيفن) لليهود وتصميمه على إفشال مشروع الدولة اليهودية في فلسطين واتخاذه المعاهدة ذريعة لإرسال 70 ألف بندقية باسم الشرطة العراقية لتسلم إلى العرب الفلسطينيين، وإمداد الجيش العراقي بالسلاح الخفيف والثقيل ليكون مهيئا لاحتلال كل أرض يجلو عنها الإنكليز بعد إعلان التقسيم.
ونحن نعرف أن الغوغائية العربية أفسدت هذا الترتيب بما أثارته في بغداد من هيجان في الشارع ومظاهرات استغلت فيها الشعارات الجوفاء حتى أبطلت المعاهدة.
وذلك أن الوفد العراقي المفاوض في لندن أرسل نص المعاهدة إلى بغداد ليطلع عليها الوزراء العراقيون قبل عودة الوفد العراقي، وأوصى الوفد بعدم نشرها قبل عودته لأنها تحتاج إلى توضيح لا يوجد في النصوص، وهو ما