وأما أبو الصلاح فقد قيل: إن المنقول عنه في الايضاح وغاية المراد والمهذب البارع والروض والمقاصد العلية والمقتصر والجواهر المضيئة استحباب الاجتماع في زمن الغيبة، بل نقل عنه الفاضل العميدي في تخليص التلخيص والشهيد في البيان والفاضل المقداد المنع من جوازها كابن إدريس، على أن التأمل في العبارة التي نقلها عنه الخصم يقضي بأن أقصاها الانعقاد الذي يجامع القول بالتخيير، نعم ظاهره وجوب السعي بعد انعقادها، فالتخيير حينئذ في العقد خاصة كما هو أحد القولين بين أهل التخيير، بل قيل: إنه أشهرهما.
وأما أبو الفتح فقد يريد بالإمام في كلامه المنصوب ولو بالعموم، والصدوق (رحمه الله) وإن قال في الأمالي: " والجماعة يوم الجمعة فريضة واجبة، وفي سائر الأيام سنة " وفي المقنع " إن صليت الظهر مع الإمام يوم الجمعة بخطبة صليت ركعتين، وإن صليت بغير خطبة صليتها أربعا " ولم يذكر شيئا من الشرائط لكن قال في الهداية:
" إذا اجتمع يوم الجمعة سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم - ثم قال -: والسبعة الذين ذكرناهم هم الإمام والمؤذن والقاضي والمدعي حقا والمدعى عليه والشاهدان " وهو ظاهر في المشهور، بل لعل كلامه في الأولين كذلك، والشيخ عماد الدين الطبرسي في كتابه المسمى بنهج العرفان إلى هداية الايمان بعد نقل الخلاف بين المسلمين في شرط وجوب الجمعة إنما قال: " إن الإمامية أكثر ايجابا للجمعة من الجمهور، ومع ذلك يشنعون عليهم بتركها حيث إنهم لم يجوزوا الائتمام بالفاسق ومرتكب الكبائر والمخالف في العقيدة الصحيحة " وهي كما ترى لا صراحة فيها بل ولا ظهور، وكفى بهذا المذهب شناعة احتياج أصحابه في تصحيحه إلى دعوى التواتر، وأخرى إلى الاجماع نسأل الله العفو عن إثمها، وقد بان لك بحمد الله فسادهما معا.