قاعدة الميسور لا تفيد ان الميسور تام كالواجد، بل غاية ما تفيد تعلق الامر به لا غير.
فالتحقيق ان يقال: ان دليل التيمم..
تارة: يكون مفاده تشريع التيمم عند تعذر المرتبة العليا التامة للوضوء.
وأخرى: يكون مفاده تشريع التيمم عند تعذر الوضوء بجميع مراتبه المأمور بها. وبعبارة أخرى: يفيد مشروعية التيمم عند تعذر الوضوء المشروع، وما هو الوظيفة الفعلية للمكلف لولا التعذر.
فعلى الثاني: تكون قاعدة الميسور حاكمة على دليل التيمم، لأنها تتكفل تشريع الوضوء وتوظيف المكلف به فعلا، فيرتفع موضوع مشروعية التيمم.
وعلى الأول: يتصادم دليل التيمم مع قاعدة الميسور، إذ دليل التيمم يثبت مشروعية التيمم عند تعذر الوضوء التام، وقاعدة الميسور تثبت مشروعية الوضوء الناقص، وبما أنه يعلم بعدم مشروعية الجمع بينهما، إذ الطهارة إذا حصلت بأحدهما لا مجال لتحصيلها بالاخر يتحقق التصادم.
وعلاج التعارض هو الالتزام بالتخيير، وذلك لان منشأ التصادم هو ظهور اطلاق الدليلين في مشروعية كل منهما بنحو التعيين، ومقتضى تعارض الاطلاقين هو تساقطهما، فيرفع اليد عن ظهور كل من الدليلين في التعيين، وينحفظ على ظهور كل منهما في أصل المشروعية والوجوب. ونتيجة ذلك هو التخيير بينهما.
فتدبر. هذا تمام الكلام في قاعدة الميسور بشؤونها (1).
التنبيه الثالث: في دوران الشئ بين كونه شرطا وكونه مانعا، أو دورانه بين كونه جزء أو زيادة مبطلة. وقد تعرض صاحب الكفاية للكلام فيه هنا. وبما أنه قد تقدم منا البحث فيه في مبحث دوران الامر بين محذورين فلا نعيد. فراجع البحث هناك.