وجملة القول: ان مبنى قاعدة الاشتغال على حدوث اليقين بالتكليف واحتمال انطباقه على كل طرف، والاستصحاب لا يتصرف في شئ من ذلك. ولو فرض كون الشك في البقاء دخيلا أيضا في قاعدة الاشتغال، بمعنى عدم الدليل على التكليف وجودا أو نفيا، فهو انما يسلم في مورد العلم التفصيلي بالحكم الشخصي، فان قاعدة الاشتغال تنشأ من الشك في الفراغ، إذ قبل الشروع في الامتثال لا معنى لقاعدة الاشتغال للعلم بالحكم. لا فيما نحن فيه مما كانت قاعدة الاشتغال تتقوم بالعلم الاجمالي والشك في الانطباق، فان قاعدة الاشتغال لا تتقوم بعدم الدليل على ثبوت التكليف كالاستصحاب، إذ الاستصحاب غاية ما يثبت التكليف الاجمالي ويرفع الشك في بقاء الكلي، أما تعيين انطباقه فلا يتكفله فلا يستغنى به عن قاعدة الاشتغال بل نحتاج إليها، ولذا قلنا إنه لا يزيد على العلم بالحدوث. نعم هي تتقوم بعدم الدليل على ارتفاع التكليف، وهو محرز بالوجدان ولا ربط للاستصحاب فيه كما لا يخفى. هذا مضافا إلى أن الاستصحاب لا يرفع الشك في العقاب لأنه إنما يتكفل تنجيز الواقع لا أكثر.
فظهر بذلك: ان الاستصحاب لا مجال له فيما نحن فيه - وفاقا للشيخ - لأنه من تحصيل الحاصل، أو أردأ أنحائه كما قيل.
نعم، لو فرض ان للاستصحاب أثرا آخر غير أثر قاعدة الاشتغال، فلا مانع من جريانه بلحاظ ذلك الأثر، إذ لا يكون حينئذ لغوا، كما التزم به الشيخ في استصحاب البراءة إذا ترتب عليها اثر غير الأثر العقلي بملاك قبح العقاب بلا بيان (1).
ومن هنا يظهر أنه لا وقع للايراد على الشيخ في التزامه باجراء الاستصحاب في مورد الشك في بقاء التكليف الشخصي، كاستصحاب وجوب