مجرد حدوث العلم بالتكليف للزوم الخروج عن عهدته ولو حصل الشك بعد ذلك في بقائه كما عرفت ذلك في مبحث الاضطرار فراجع. ولعل هذا هو مقصود المحقق النائيني من أن الأثر يترتب على مجرد الحدوث، فاحراز البقاء لا فائدة فيه.
وثانيا: لو سلمنا ان قاعدة الاشتغال بملاك وجوب دفع الضرر المحتمل لا بملاك التنجيز، فالاستصحاب لا يوجب القطع بالضرر.
أما بناء على أنه لا يتكفل سوى التنجيز والتعذير فواضح جدا، إذ هو يتكفل بيان ثبوت العقاب على الواقع لو كان ثابتا، وهذا لا يزيد على ما هو ثابت في نفسه بواسطة العلم الاجمالي واحتمال الانطباق، فلا يرفع موضوع قاعدة الاشتغال.
وأما بناء على تكفله جعل حكم ظاهري مماثل للواقع، فلان العقاب في مورده على مخالفة الواقع لو صادفه، ولا عقاب على مخالفة الظاهر لو لم يصادف الواقع. وعليه فهو لا يفيد أكثر من تنجيز الواقع، فلا يكون واردا على قاعدة الاشتغال.
نعم، قد يتوهم حكومة الاستصحاب على قاعدة الاشتغال، لأنها وان تكفلت بيان احتمال الضرر، لكن بلسان اثبات الواقع وثبوته.
ولكنه توهم فاسد، إذ لا معنى للحكومة في باب الاحكام العقلية، بل هي تختص بالأدلة اللفظية الشرعية.
نعم، إذا التزم بثبوت العقاب على مخالفة الحكم الظاهري وعدم تعدد العقاب مع موافقة الواقع للظاهر، يكون المورد - بالاستصحاب - من موارد القطع بالعقاب - إذ لو التزم بالتعدد، فالعقاب على الواقع يكون محتملا لا مقطوعا، كما لا يخفى وجهه فانتبه -، نظير موارد العلم التفصيلي بالحكم الشرعي فلا موضوع لقاعدة الاشتغال حينئذ، ولكنه مبنى فاسد لا نلتزم به.