ومن الواضح انه باستصحاب التكليف يرتفع احتمال الضرر للقطع به بعد القطع بالتكليف تعبدا. فالأثر وان اتحد، لكن لا مانع من جريانه بعد انتفاء قاعدة الاشتغال به لارتفاع موضوعها، وإلا لأشكل الامر في كل وارد ومورود متفقين في الأثر وهو خلاف المتسالم عليه عند الكل.
وبمثل ذلك يقال في استصحاب عدم التكليف وانه وارد على قبح العقاب بلا بيان، لأنه يكون بيانا على العدم فيرتفع اللا بيان. إذن فلا لغوية فيه وليس هو من تحصيل الحاصل، فضلا عن أن يكون من أردأ أنحائه.
ويمكن المناقشة في هذا القول:
أولا: بان قاعدة الاشتغال ليست بملاك وجوب دفع الضرر المحتمل، لما عرفت - في مبحث البراءة العقلية في تفسير كلام الشيخ - من أن وجوب دفع الضرر المحتمل على تقدير ثبوته يتفرع على تنجيز التكليف الموجب لاحتمال الضرر، إما بالعلم الاجمالي أو بالاحتمال قبل الفحص أو بقيام الدليل على وجوب الاحتياط في الشبهة، فالتنجيز في مرحلة سابقة على وجوب دفع الضرر المحتمل، وقاعدة الاشتغال ترجع إلى الحكم بتنجز التكليف وثبوت العقاب على مخالفته.
ومن الواضح ان تنجز التكليف في كل من الطرفين فيما نحن فيه ناشئ من العلم الاجمالي بالتكليف واحتمال انطباقه على كل طرف من أطرافه - سواء أقلنا بالعلية التامة أم بالاقتضاء وتعارض الأصول -، فمجرد حدوث العلم يوجب الحكم بالتنجيز وترتب العقاب على مخالفته، وهذا هو معنى قاعدة الاشتغال فيما نحن فيه. ولا يخفى ان الاستصحاب لا يرفع موضوعها، إذ هو لا يرفع العلم السابق، كيف؟ وهو يتقوم بثبوته. كما لا ينفي أو يثبت الانطباق، بل غاية ما يثبت هو التعبد بثبوت الحكم بقاء، وهو لا يزيد على العلم به، وقد عرفت أن العلم الحادث دخيل في تحقق القاعدة لا رافع لها. مع أن الأثر العقلي يترتب على