جريان البراءة العقلية من الأكثر لقيام البيان.
وهو ينظر إلى ما سلكه الشيخ (رحمه الله) من دعوى الانحلال في حكم العقل التي تظهر من كلماته الأخيرة، حيث ذهب إلى العلم التفصيلي بثبوت العقاب على ترك الأقل، إما لوجوبه لنفسه أو لأنه سبب لترك الأكثر، بخلاف الأكثر فيكون العقاب عليه عقابا بلا بيان.
ولكن كلام الشيخ ودعواه تبتني على أمر غفل عنه صاحب الكفاية وغيره، فكان نتيجته هو ايراد الكفاية على دعوى الانحلال بما عرفت.
بيان ذلك: ان التكليف بمركب ذي أجزاء عديدة..
تارة: يلتزم بان له تنجيز واحد بلحاظ مجموع الاجزاء، فاما ان يتنجز مطلقا واما أن لا يتنجز كذلك.
وأخرى: يلتزم بأنه قابل للتبعض في التنجيز بلحاظ تعدد أجزائه، فيكون منجزا من جهة بعض أجزائه، ولا يكون منجزا من جهة بعض آخر - نظير بطلان العمل، فإنه تارة يستند إلى ترك الكل، وأخرى يستند إلى ترك أحد الاجزاء خاصة -. فإذا علم المكلف بوجوب بعض اجزاء المركب وجهل البعض الاخر، فلو ترك الاجزاء المعلومة وظهر وجوب الكل المركب منها ومن المجهول، كان للمولى ان يعاقبه على ترك الأكثر المستند إلى ترك الاجزاء المعلومة له، لان المركب بذلك المقدار مما قام عليه البيان. أما إذا جاء بها فليس له أن يعاقبه على ترك الأكثر المستند إلى ترك الاجزاء المجهولة لأنه عقاب بلا بيان.
ولا يخفى عليك انه مع الالتزام بالتبعض في التنجيز بالتقريب الذي عرفته، يتم الانحلال في حكم العقل بلا تأتي محذور الكفاية عليه.
وذلك، لأنه إذا علم إجمالا بوجوب الأقل أو الأكثر فقد علم بوجوب الأقل تفصيلا، إما لنفسه أو لكونه جزء الأكثر، وهذا يستلزم العلم بان ترك الأقل موجب للعقاب إما لوجوبه لنفسه أو لتنجز الأكثر من جهته، فمخالفة الأقل