ترتفع حرمته ولم يجز له دفع الاضطرار به، بل يتعين عليه اختيار الفرد الاخر، فثبوت الحلية لاي من الفردين شاء - مع حرمة أحدهما واقعا - المكلف ناشئ من جهل المكلف بما هو الحرام واقعا، فالحلية الثابتة يكون الجهل دخيلا في ثبوتها، وهو معنى الحلية الظاهرية، إذ الحكم الظاهري ما كان الجهل بالواقع مأخوذا فيه.
وأما ما أفاده المحقق النائيني - كما في تقريرات الكاظمي - في تحقيق هذه الجهة من أن الاضطرار والجهل دخيلان في ثبوت الحلية، فلا بد من تشخيص الجزء الأخير من العلة التامة لثبوت الحكم، فهل هو الاضطرار أم الجهل؟ فإن كان الجزء الأخير الذي تترتب عليه الحلية بلا فصل هو الاضطرار كانت الحلية واقعية وان كان الجزء الأخير هو الجهل كانت الحلية ظاهرية (1).
فهو غير صحيح، لان مجرد أخذ الجهل بالواقع في موضوع الحكم يقتضي كونه ظاهريا، سواء كان جزء أخيرا أم لا، فان ذلك ليس بذي اثر. فما أفاده وان كان ذا صورة علمية، لكنه لا واقع له.
هذا، ولكن الحق هو ان الجهل ههنا لم يؤخذ في موضوع الحكم شرعا وسابقا في الرتبة عليه، بل هو في مرتبة نفس الحكم، وذلك لأنك عرفت أن الحرمة الواقعية مع العلم بها تمنع من سراية الحلية من الجامع إلى الفرد الحرام، بل يتعين رفع الاضطرار بالفرد الاخر، لعدم امكان اجتماع الحكمين المتضادين. أما مع الجهل بالحرام، فلا تكون الحرمة مانعة من تعلق الحلية بالفرد إذا صادف اختيار المكلف له، وهذا يقتضي أن يكون اثر الجهل هو نفس اثر عدم الحرمة واقعا، لأنه يرفع مانعية الحرمة من ثبوت الحلية. ومن الواضح ان مانعية الحرمة وتأثير عدم الحرمة انما هي في رتبة نفس الحكم بالحلية وليس في رتبة موضوعه، فيكون في رتبة