حصل قبل العلم أم بعده، لان الاضطرار يستلزم الترخيص في أحد الأطراف تخييرا، وهو ينافي العلم بحرمة المعلوم فعلا، لاحتمال انطباق المعلوم بالاجمال على ما يختاره، فلا يعلم بثبوت التكليف الفعلي على كل تقدير (1).
وخالفه المحقق النائيني تبعا للشيخ (2) (رحمه الله)، فذهب إلى منجزية العلم الاجمالي، لعدم تعلق الاضطرار بالحرام، لأنه لو فرض علمه التفصيلي بالحرام لم ترتفع حرمته بالاضطرار وبما جاز له ارتكابه.
وعليه، فللمكلف ارتكاب أحد الأطراف رفعا للاضطرار. وأما الطرف الاخر فيلزمه اجتنابه للعلم الاجمالي الذي ترفع اليد عن تأثيره بمقدار الضرورة. وهو ما أسماه بالتوسط في التنجيز (3).
وتحقيق الكلام بوجه يتضح به الحق وتزول به بعض الشبهات، هو انه تارة: يقال بان العلم الاجمالي علة تامة لحرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية، بحيث ينافيه الترخيص في بعض الأطراف. وأخرى: يقال بأنه بالنسبة إلى الموافقة القطعية بنحو الاقتضاء فلا يمتنع الترخيص في بعض أطرافه، وإنما تثبت الموافقة القطعية من جهة تعارض الأصول.
فعلى مسلك العلية التامة: لا اشكال في سقوط العلم الاجمالي عن المنجزية، لان الاضطرار إلى أحد الامرين يستلزم الترخيص في أحدهما، وهو ما يختاره المكلف رافعا للاضطرار، إما ترخيصا شرعيا واقعيا أو ظاهريا أو ترخيصا عقليا. وعلى جميع التقادير - التي سيأتي البحث فيها مفصلا - يسقط العلم عن التنجيز.
أما إذا كان الترخيص شرعيا واقعيا أو ظاهريا، فلعدم اجتماعه مع