الاستهجان العرفي لمنع ثبوت التكليف في مورد الخروج عن محل الابتلاء، لعدم ارتباط حقيقة التكليف بالعرف بما هم أهل العرف. وليس الكلام في مفهوم الخطاب كي يكون المرجع فيه هو العرف كما تقرر، بل الكلام في واقع التكليف وصحته ثبوتا فلا مسرح لنظر العرف (1).
وفيه:
أولا: ان الاستهجان العرفي المدعى ههنا لا يرجع إلى تحكيم نظر العرف المبنى على المسامحة كي لا يعتمد عليه، بل المحذور المدعى هو لغوية التكليف، وهي من الواضح بنحو يدركها العرف فيستهجن ثبوت التكليف. فالاستهجان العرفي راجع إلى وضوح اللغوية لدى الجميع، والعمل اللغو مستهجن من الحكيم، في قبال اللغوية التي لا تدرك إلا بالدقة، كاللغوية المدعاة في تكليف العصاة.
وبالجملة: المحذور فيما نحن فيه عقلي يلتفت إليه الجميع. فالتفت.
وثانيا: ان التكليف إذا كان مستهجنا عرفا يكفي ذلك في امتناع ثبوته وتوجهه إلى عامة الناس، لأنهم لا يؤمنون بصدوره مع بنائهم على أنه مستهجن، فلا يصلح الداعوية أصلا، والمفروض ان من يتوجه إليه التكليف هو الجميع.
وأما ما جاء في الدراسات في مقام نفي اعتبار الدخول في محل الابتلاء، وعدم اعتبار أزيد من القدرة العقلية، من: ان الغرض من التكليف الشرعي ليس مجرد حصول متعلقه فعلا أو تركا كالتكليف العرفي، بل الغرض منه هو تكميل النفوس البشرية بجعل التكليف داعيا للعبد إلى الفعل أو الترك، فيحصل له القرب من مولاه ويرتفع مقامه (2).