يختاره المكلف، هل هي حلية واقعية أو ظاهرية؟.
وأما إذا كان مدلول الرواية هو الوجه الثاني، لم يكن الاضطرار إلى الجامع مشمولا له، لعدم كونه اضطرارا إلى الحرام كي يتكفل رفع الحرمة عنه، نعم يذهب العقل إلى جواز دفع الاضطرار بأحدهما والأمان من العقاب لو صادف الحرام واقعا، للجزم بعدم الفرق بين هذا المورد من الاضطرار وبين سائر الموارد المحرمة في أنفسها والتي يتعلق بها الاضطرار، لكن لا يثبت فيما نحن فيه أكثر من الترخيص عقلا الذي لا يتنافى مع ثبوت الحرمة الفعلية واقعا.
ولأجل ذلك لا يختل تنجيز العلم الاجمالي بالنسبة إلى المخالفة القطعية كما عرفت، لأنه لا يخرج عن كونه علما بالتكليف الفعلي على كل تقدير المستلزم لحرمة المخالفة القطعية، فلا يصح اجراء الأصل في الطرف الاخر، لأنه وإن لم يكن بلا معارض، لكنه مستلزم للترخيص في المخالفة القطعية للمعلوم بالاجمال.
هذا بحسب مقام الثبوت.
وأما بحسب مقام الاثبات، فالمختار في مدلول النص المزبور هو الوجه الثاني، وهو تكفله لبيان مانعية الاضطرار من تأثير مقتضى الحرمة، وانه لا حرمة عند الاضطرار بلا تكفل لجعل الحلية في مورده.
وذلك لظهور هذا المعنى من الدليل المزبور، فان ظاهره ان الحرمة الثابتة للشئ ترتفع عند الضرورة، وان المكلف في حل منها بعد أن كان مقيدا، والوجه الأول خلاف الظاهر جدا.
ويشهد لما استظهرناه هو: تطبيق هذه الكبرى الكلية في موارد وجوب الاقدام على ما هو الحرام لاجل الضرورة، وعدم جواز تركه كبعض موارد التقية، وموارد حفظ النفس من الهلاك. ومن الواضح انه لا معنى لتطبيق جعل الإباحة في تلك الموارد، وانما المناسب هو بيان ارتفاع الحرمة الذي يتلاءم مع الوجوب واقعا.