بالعلم به، لرجوعه إلى العلم بحدوث تكليف صالح للتنجيز، وأما العلم الثالث فهو وإن كان علما بالنجاسة إجمالا، إلا أنه لا يرجع إلى العلم بحدوث تكليف زائد على المعلوم بالعلم الثاني المفروض تنجزه، لامكان انطباق المعلوم بالعلم المذكور على المعلوم بالعلم الثاني، فليس في المقام إلا العلم بحدوث التكليف الأول الموجب لانشغال الذمة به، والشك في حدوث تكليف جديد مدفوع بالأصل.
وبعبارة أخرى: إن أريد بتنجيز العلم الثالث منجزيته لمؤداه سواء كان هو التكليف المعلوم بالعلم الثاني المنجز به أم غيره، فلا مجال لذلك، لاستحالة انشغال الذمة بما انشغلت به سابقا، وإن أريد به تنجيزه لتكليف آخر غير المتنجز بالعلم الثاني، فلا علم بحدوث التكليف المذكور، ليكون منجزا له.
ومنه يظهر الفرق بينه وبين المقام الأول الذي فرضت فيه الملاقاة مقارنة للنجاسة الحادثة المعلومة إجمالا، لأنه لا مجال هناك لدعوى اليقين بشئ معين والشك في ما عداه، بل المتيقن بالاجمال مردد رأسا بين تكليف واحد في طرف واحد وتكليفين في طرفين من دون مرجح لاحد الطرفين يقتضي تميزه في طرفية العلم الاجمالي وانشغال الذمة المفروض.
وأما الثانية: فلا يتنجز فيها إلا العلم الثاني قطعا، لأنه الأسبق حدوثا ومعلوما ورتبة، فيتعين للتنجيز على جميع مباني المسألة المتقدمة.
ولا يبعد كون ذلك هو مورد ما نسب للمشهور من عدم وجوب اجتناب الملاقي لاحد المشتبهين.
بل المتيقن من محل كلامهم ما إذا وردت الملاقاة على المشتبه بما هو مشتبه بنحو تكون متأخرة عن العلم الاجمالي بالنجاسة الموجب لصدق عنوان المشتبه على الملاقى، ولا يكفي تأخرها عن النجاسة ثبوتا فقط.
وأما الثالثة: فلا يتنجز فيها إلا العلم الثاني أيضا، بناء على ما تقدم في