مباحث القطع وغيره من الاكتفاء في التقرب المعتبر في العبادة بالاندفاع عن الامر المحتمل حتى مع التمكن من الامتثال التفصيلي، فلا يجب رفع الاجمال، فضلا عن تقليله، كما يصح العمل مع الاجمال لو فرض مصادفته للواقع حتى مع عدم العزم على استيفاء الأطراف.
ومبنى المسألة أنه لو كان العمل في التقرب وفروعه مع الشك على السعة - كما هو الظاهر، عملا بالاطلاق اللفظي، أو المقامي، أو أصل البراءة - كان الالتزام بكل قيد محتاجا إلى الدليل. وإن كان العمل على الاحتياط - لقاعدة الاشتغال - كان نفي كل قيد محتمل هو المحتاج إلى الدليل.
الامر الثالث: لا فرق في وجوب الاحتياط في الشبهة الوجوبية المحصورة بين أن يكون الاشتباه في أصل الواجب - كالظهر والجمعة - وأن يكون في بعض ما يعتبر فيه - كاشتباه القبلة بين جهتين، والتردد بين الجهر والاخفات - لعموم ما تقدم من الوجه لذلك.
ودعوى: أنه لابد من رفع اليد في الثاني عن اعتبار الامر المشتبه محافظة على الجزم بالامتثال حين العمل في العبادة.
مدفوعة: بما أشرنا إليه آنفا من عدم اعتبار الجزم المذكور.
على أنه لو تم اعتباره جرى في الاشتباه في أصل المركب، حيث يمكن فيه المحافظة على الجزم المذكور بالبناء على التخيير بين الامرين المشتبهين، ففرض وجوب الاحتياط فيه مبني على التنزل عن الجزم المذكور محافظة على الواجب الأولي المعلوم بالاجمال، وذلك يجري في المقام أيضا، لعدم الفرق بينهما ارتكازا.
نعم، قد يدل الدليل الخاص على سقوط الامر المعتبر في حال الاشتباه، فيرتفع موضوع وجوب الاحتياط، كما هو الحال بناء على أن المتحير يصلي إلى أي جهة شاء صلاة واحدة، المستلزم لسقوط شرطية الاستقبال في حقه.