طريق امتثاله.
أما لو تردد الامر بين تكليفين فالامر أظهر، كما لو علم بنجاسة أحد الطعامين المكره على استعمال أحدهما، لوضوح أن حرمة استعمال النجس تكليف انحلالي إلى تكاليف متعددة متباينة تبعا لتباين أفراد النجس، وليس تكليفا واحدا قائما بالعنوان، فليس الشك في القدرة على امتثال التكليف، بل في التكليف بالمقدور من الأطراف، والمرجع فيه البراءة بلا إشكال.
ثم إن شيخنا الأعظم قدس سره ذكر أن من جملة ما يمنع من فعلية التكليف عدم الابتلاء بمتعلقه، بحيث يعد أجنبيا عن المكلف عرفا ويستهجن لوجيه الخطاب إليه به.
ورتب على ذلك عدم منجزية العلم الاجمالي إذا كان بعض أطرافه خارجا عن الابتلاء لما سبق في الحرج ونحوه.
وكلامه قدس سره في تحديد عدم الابتلاء لا يخلو عن غموض، لاختلاف سنخ الأمثلة التي ذكرها له، لرجوعها إلى أقسام أربعة:
الأول: ما لا يكون فيه للامر المعلوم أثر تكليفي أصلا ولو تعليقيا، كوقوع قطرة بول على ظهر حيوان، فإنه لا أثر لذلك حتى بالإضافة إلى الملاقي، لما هو المعلوم من عدم نجاسة الحيوان مطلقا أو بعد زوال عين النجاسة، فالملاقي لا ينجس إلا مع بقاء عين النجاسة، فيستند التنجيس لملاقاتها، لا لملاقاة ظهر الحيوان.
الثاني: ما يكون له أثر تعليقي لا تنجيزي، كنجاسة ظهر الاناء، حيث لا توجب تكليفا فعليا إلا أن يلاقي ما لنجاسته أثر تكليفي، كالثوب.
الثالث: ما لا يكون من شأن المكلف التعرض له، لوجود صوارف خارجية عنه، وإن لم يخرج بذلك عن القدرة عقلا ولا شرعا، كنجاسة الأرض التي ليس من شأن المكلف بحسب وضعه المتعارف التعرض للسجود عليها.