الظاهري مع العلم.
وفيه: أن العلم الاجمالي إن كان منجزا لاحتمال التكليف في الفرض كان رافعا لموضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان، كما ذكره قدس سره أولا.
وإلا لم يمنع من الرجوع للأصل الشرعي النافي له، كما في سائر موارد جعل الحكم الظاهري الملازم لاحتمال مخالفة الحكم الواقعي غير المنجز.
والحاصل: أن عموم حجية العلم الاجمالي في الأحكام التكليفية وغيرها إنما يمنع من الرجوع للأصول الشرعية والعقلية مع منافاتها عملا لمقتضى العلم الاجمالي، لا في مثل المقام مما كان العلم الاجمالي قاصرا عن اقتضاء العمل بنحو ينافي الأصل.
ومن هنا قد يتجه ما ذكره السيد الطباطبائي قدس سره في العروة الوثقى من أنه لو توضأ المكلف وضوئين، وصلى بعد أحدهما فريضة وبعد الآخر نافلة، وعلم إجمالا بالحدث بعد أحد الوضوئين بالنحو المستلزم لبطلان إحدى صلاتيه، فلا تجري قاعدة الفراغ، لا في الفريضة ولا في النافلة، بل تجب إعادة الفريضة وتستحب إعادة النافلة. وأقره على ذلك جماعة من المحشين المعاصرين.
للفرق بأن قاعدة الفراغ لا تختص بالفريضة، بل هي كما تقتضي عدم وجوب الإعادة فيها تقتضي عدم استحبابها في النافلة، فتنافي العلم الاجمالي المذكور عملا، وكذا الحال في سائر الأصول المنافية عملا لمقتضى العلم الاجمالي، سواء كانت من سنخ واحد - كالاستصحابين - أم من سنخين إذا فرض التعارض بينها في الأطراف. بخلاف أصل البراءة فإنه مختص بنفي التكليف، فلا ينافي العلم الاجمالي في الفرض المتقدم، لأنه لا يقتضي الالزام، كما ذكرنا.
لكن الفرق المذكور إنما يمنع من جريان قاعدة الفراغ بناء على أن مفاد الأصول والقواعد الترخيصية الظاهرية - ومنها قاعدة الفراغ - إثبات الرخصة