الثلاثة الأخيرة.
وأما المقام الثاني: وهو مقتضى الأصل الثانوي، فالظاهر أنه لا حكم للعقل فيه، بل هو مما يختص به الشارع، فكما يمكن عقلا جعل الشارع للبراءة يمكن جعله لوجوب الاحتياط. ولو تم وجوب الاحتياط كان رافعا لموضوع حكم العقل في المقام الأول.
لا لكون العقاب معه عقابا على ما يعلم وورد به البيان، إما من حيث كون دليله موجبا للعلم بوجوب شئ بعنوان كونه مجهول الحكم - كما يظهر من شيخنا الأعظم قدس سره - أو من حيث كونه بيانا للتكليف المجهول في ظرف وجوده - كما يظهر من بعض الأعيان المحققين قدس سره -.
لاندفاع الأول: بأن وجوب الاحتياط طريقي لا يكون موضوعا للعقاب والثواب، بل مصححا للعقاب على التكليف الواقعي المجهول في ظرف وجوده، وما ذكره بعض الأعاظم قدس سره من كونه نفسيا تكلف مخالف لظاهر أدلته جدا.
واندفاع الثاني: بعدم صلوح دليل الاحتياط لبيان الواقع، بل الوجه في ارتفاع موضوع حكم العقل بدليل وجوب الاحتياط أن حكم العقل مختص بما إذا لم يهتم الشارع لا قدس بحفظ التكليف الواقعي في ظرف الجهل به بايجاب الاحتياط.
وقد تقدم تمام الكلام في ذلك في مبحث قيام الطرق والأصول مقام القطع الموضوعي من مباحث القطع. فراجع.
وكيف كان، فالأصل في المقام شرعي محض لا دخل للعقل به. ومن ثم ينبغي أن يستدل عليه بالأدلة الشرعية، وقد استدل على البراءة بالأدلة الثلاثة..