وظهور كون القضية ارتكازية، لبيان عدم صلوح احتمال الحرمة للتنجيز، والبناء على المعنى المذكور في المقام لا بأس به، كما يصح البناء عليه أيضا في الترك الملازم لعدم الوجوب، فيبنى على جواز كل من الفعل والترك، وهو يطابق الإباحة بالمعنى الثاني عملا.
هذا، وأما الاشكال في الإباحة ظاهرا من جهة المخالفة الالتزامية. فلا يهم في المقام، لان الالتزام بالأحكام، إنما يجب تبعا لوجوب الالتزام بالشريعة والانقياد لها، وهو إنما يقتضي الالتزام بها على حسب وصولها، فإذا فرض وصولها إجمالا كفى الالتزام بها كذلك، وهو لا ينافي التعبد بالإباحة ظاهرا في مقام العمل لو فرض إمكان جعلها.
نعم، لو أريد الالتزام بها على أنها الحكم الواقعي اتجه المنع عنه، كما يتجه المنع عنه مع دوران الامر بين الحرمة وغير الوجوب، لان أصالة الحل وإن كانت جارية حينئذ بلا كلام إلا أنها إنما تقتضي الالتزام بالحل على أنه الحكم الظاهري العملي، لا الحكم الواقعي المجعول على الموضوع بعنوانه الأولي. بل لا يجوز ذلك حتى في مؤديات الحجج، لأنه قول بغير علم وتشريع محرم، كما أشرنا إليه عند الكلام في أصالة عدم الحجية.
وإن كان المراد بالإباحة مجرد البراءة الشرعية من التكليفين المعلومين بالاجمال، الراجع إلى جعل السعة ورفع الحرج شرعا فهو في محله، لتحقق موضوعها - وهو الشك - بالإضافة إلى كل منهما، والعلم الاجمالي بثبوت أحدهما لا يكون مانعا من جريانها بعد عدم صلوحه للتنجيز.
وأما ما ذكره بعض الأعاظم قدس سره في منع جريان البراءة الشرعية من أن إمكان رفع الحكم شرعا فرع إمكان وضعه، وحيث امتنع جعل الحكمين تعيينا أو تخييرا - لما تقدم - امتنع رفعهما بمقتضى البراءة.
ففيه: أنه يكفي في تصحيح رفعهما معا إمكان وضع أحدهما، حيث لا