وإن استشكل فيه بعض الأعاظم على ذلك أيضا بوجه لا يهم الكلام فيه بعد ما تقدم من ضعف المبنى المذكور.
وثالثا: بأن ذلك لو تم اقتضى البناء على الحرمة في غير اللحوم، ولا يظن من أحد الالتزام به.
ودعوى: اختصاص الحصر في الآية باللحوم. غير ظاهرة المأخذ.
وبالجملة: كما لا مجال للرجوع إلى عموم الحل في اللحوم لا مجال للرجوع إلى عموم الحرمة فيها، بل المرجع فيها أصالة الحل بعد ما تقدم من عدم جريان استصحاب الحرمة. فلاحظ.
هذا تمام الكلام في الصورة الأولى.
وأما الثانية، فالكلام فيها يبتني على أمور ينبغي التعرض لها في المقام..
الأول: اختلفوا في حقيقة التذكية، فذهب المحقق الخراساني وبعض الأعاظم وبعض الأعيان المحققين قدس سرهما إلى أنها أمر مركب من الذبح والتسمية وغيرهما مما يجب شرعا، فالشك في اعتبار شئ فيها موجب لاجمالها وتردد مفهومها بين الأقل والأكثر.
وذهب سيدنا الأعظم قدس سره وشيخنا الأستاذ وبعض مشايخنا إلى أنها أمر بسيط مترتب على فعل المكلف المذكور، فالذبح وغيره مقدمة توليدية، وليس متحدا مع التذكية مفهوما، فلا يكون الشك في اعتبار شئ فيها موجبا لاجمالها بل لاجمال سببها.
وقد استدل بعض الأعاظم وبعض الأعيان المحققين قدس سرهما على ما ذكراه بقوله تعالى: (إلا ما ذكيتم)، لان نسبة التذكية للفاعلين تدل على أنها من فعلهم.
وفيه: أن ذلك إنما يدل على أن التذكية مصدر فعل متعد مستند للمكلف، وهو مما لا يظن بأحد إنكاره بملاحظة هيئتها، لكنه لا ينفع في كون مفهومها