معلومه، فإذا كان المعلوم من شأنه التنجز تنجز مطلقا، وإن كان العلم به متأخرا.
وحيث فرض أن كلا من المعلومين يتنجز على ما هو عليه ولا يصلح كل منهما لان يتقدم على الآخر تعين تنجزهما معا، وتأخر العلم بأحدهما لا أثر له وبعبارة أخرى: حدوث العلم الاجمالي لا يقتضي تنجز المعلوم مطلقا، بل في خصوص آن حدوثه، وليس المنجز في كل آن لاحق إلا بقاء العلم فيه، ففي آن حدوث العلم اللاحق واجتماع العلمين لا وجه لاختصاص التنجيز بالعلم الأسبق حدوثا بعد عدم المرجح لاحد المعلومين، إذ ليس العلم السابق باستمراره إلا كالعلم اللاحق بحدوثه فيشتركان في التنجيز في زمان اجتماعهما، وسبق الأول إنما يقتضي انفراده بالتنجيز في زمان انفراده لا غير.
ومنه يظهر اندفاع ما في بعض كلماتهم من أن التكليف إنما يتنجز بوجوده العلمي المفروض تأخره في المقام، لا بوجوده الواقعي المفروض مقارنته لوجود التكليف الآخر.
وجه الاندفاع: أن التأخر إنما يوجب قصور العلم عن التنجيز في الزمان السابق، أما الزمان اللاحق فلا مرجح للعلم السابق فيه بعد كون تنجيز العلم فيه باستمراره المقارن لحدوث العلم المتأخر لا بحدوثه المتقدم عليه. فتأمل جيدا.
إن قلت: تقدم في التنبيه الرابع أنه لو حصل المانع من منجزية العلم الاجمالي في بعض الأطراف، ثم علم إجمالا بحدوث التكليف بينها قبل حدوث المانع اتجه عدم منجزية العلم الاجمالي، فلو خرج أحد الانائين عن ابتلاء المكلف يوم الجمعة، وعلم يوم السبت بسبق النجاسة من يوم الخميس فيه أو في صاحبه الذي هو محل الابتلاء، لم يكن العلم المذكور منجزا للطرف المبتلى به، لان المتيقن من منجزية العلم الاجمالي العلم بترتب الأثر على العلم حين حدوثه، لا حين حدوث الامر المعلوم، ولازمه عدم منجزية العلم اللاحق، لعدم العلم بترتب الأثر عليه حين حدوثه، لاحتمال انطباق المعلوم على الطرف